علاقات و مجتمع
«هذه سترة أمي وين هي»، كلمات رجل فُقدت أمه، إثر قصف لجيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي يواصل ارتكاب جرائم الحرب دون نزعة رحمة وإنسانية، حتى دمرت جميع معالم قطاع غزة، وتحول العمران إلى أنقاض توارى تحته جثمان أمه، لكن ملابسها باقية، ظل ممسكًا بها، ويحاول أن يصل إليها بين الأنقاض، في فاجعة ألمت القلوب في شتى البقاع.
رجل فقد أمه في قصف للاحتلال الإسرائيلي
في مشهد مؤلم ظهر محمود مصطفى فروخ، البالغ من العمر 50 عامًا، يبحث عن أمه بين الأنقاض، زلزلت كلماته مواقع التواصل الاجتماعي، وتداول النشطاء مقطع فيديو يوثق تلك اللحظات التي أوجعت القلوب، والتي فقد معها قيمة الحياة: «هذه هدوم أمي كانت تلبسها دائمًا، كانت ملازمة ليها في الأفراح والمناسبات، طيب لاقيناها وين أمي وين الحاجة وين يا الله».
«وين سترة أمي».. كلمات رجل فلسطيني
الأشلاء باتت هنا وهناك، كل في مرمى النيران في فلسطين، حيث دفنت الأم تحت ركام 5 طوابق لأزيد من شهر، ولم يكن يعلم أين هي، ليعود ابنها أول أيام الهدنة إلى مخيم الشاطئ الشمالي، ليبحث عنها، وبكلمات تحمل الأسى، ردد في حزن ودموع: «ريحة أمي فيها ريحتها فيها إلى الحين مبتروحش منها، كانت دايمًا تعتز فيها، يعني أنا ماسكها أحس أمي جنبي».
اقرأ أيضًا: أم فلسطينية توجه رسالة مبكية للعالم.. «بتمنى مشوفش ابني أشلاء»
بين الركام يبحث هنا وهناك
وجد شالها لكنه لم يجد جثتها، ليتوقف لسانه عند جملة واحدة، «هذه سترة أمي»، ليسأله عن آخر حوار كان بينه وبين والدته، ليرد متأثرًا: «كانت بتقولي دير بالك.. ياما، دير بالك وربنا يستر»، رديت قولت لها: «إن شاء الله ياما ما بيصير إلا الخير، الرحمة من الدنيا ما بتروح والأم أهم حاجة في الدنيا، هذه رسالتي للعالم بعد مشاهد الموت».
جالسًا على الأنقاض يردد: «أنا لازم أظلني أدور لما أطلع أمي من هنا، مفيش حد هيجي يساعدني ولا يطلعها إلا أنا، هطلعها بإيدي وبرجلي وبأسناني، لازم أدور وأفحر لحد ما ألاقيها، مش همشي إلا لما أمي تطلع من هذا المطرح»، لا يحاول إخراج جثة والدته فقط ليدفنها، بل من كانوا رفقتها يوم استهداف بيتهم وهما شقيقه وابنه: «أنا بتشمشم عليهم، بدور هنا وهنا بضحك على حالي».
يا رب على الجنة مع الشهداء
وبين لحظات الأسى والحزن جاءت تعليقات المتابعين، أنها ذهبت إلى الجنة مع الشهداء: «ربي يصبرك ويربط على قلبك، والله قلوبنا شيبت من الحزن والقهر، وما نقدر نسوي إليكم شيء، سوى الدعاء لكم بالنصر المؤزر»، ليعلق آخر: «حسبنا الله ونعم الوكيل الله معكم ويصبركم ويربط على قلوبكم، الله يرحمها ويحسن نزلها ويسكنها الفردوس الأعلى مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم».
لازم نؤازرهم ونوصل صوتهم للعالم
أوضح جمال فرويز، أخصائي الطب النفسي، خلال حديثه لـ«هُن»، أن معاصرة الحروب هو أمر أشد قسوة على جميع الفئات كبار وصغار: «حزن وقلق يعيشون به، وهذا مؤثر على الحالة النفسية، فضلًا عن التأثيرات النفسية والجسدية، لازم نأزرهم حتى بسماعهم ونشر الفيديوهات للعالم».