04:05 م
الثلاثاء 18 يونيو 2024
كـتب- علي شبل:
بدأ أمس الإثنين، الحادي عشر من ذي الحجة المعظم، أول أيام التشريق الثلاثة في موسم الحج 2024، الفريضة التي تهفو إلى أدائها قلوب المسلمين كافة، لإقامة الركن الخامس من أركان الإسلام، وتحقيق مقاصد العبودية لله تعالى؛ بالامتثال لأمره، وإخلاص العبادة له، وتعظيم شعائره، وإقامة ذكره.. ويواصل الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، رصد أبرز وأهم أحكام الحج والعمرة الشرعية، والتي تهم كل من نوى أداء الشعيرة الغالية على قلوب المسلمين.
وفي هذه الحلقة يوضح جمعة، عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، أعمال الحج في ثالث أيام التشريق:
1- رمي الجمار : بعد صلاة الظهر (بعد الزوال) يرمي الجمار الثلاثة على الترتيب : الجمرة الأولى أو الصغرى وهي أقرب الجمرات إلى مسجد الخيف بمنى , ثم الجمرة الثانية أو الوسطى , ثم الثالثة الكبرى جمرة العقبة. يرمي كل واحدة بسبع حصيات , ويدعو بين كل جمرتين.
ثم يتوجه إلى مكة ولا يحل له أن يمكث في منى بعد ذلك وهذا يسمى “النفر الثاني”.
2- طواف الوداع : يمكث الحاج بمكة ما أراد أن يمكث في ذكر لله وغيره من أعمال البر وأعمال المعاش، وليعلم أنه في حرم الله، وفي أطهر بقاع الأرض فليتق الله ، ويجوز له أن يعتمر أو يزور من يعرفهم ، ثم إذا أراد السفر من مكة يجب عليه أن يطوف بالبيت “طواف الوداع”, فيكون هذا الطواف آخر العهد بالبيت, وبعد أن يصلي ركعتي الطواف , يأتي زمزم ويشرب من مائها مستقبل البيت ويدعو بما شاء , ويتشبث بأستار الكعبة, ويستلم الحجر الأسود إن تيسر له من غير إيذاء أحد, ثم يسير إلى باب الحرم ووجهه تلقاء الباب, داعيا بالقبول, والغفران, وبالعود مرة بعد مرة, وألا يكون ذلك آخر العهد من الكعبة.
وأضاف جمعة: بذلك نكون قد انتهينا من أعمال الحج ، ويجب الالتفات إلى معاني أخرى وهي المعاني الروحية، فإن الحج يدل على التوحيد وعلى الإذعان لله سبحانه وتعالى فهو يعلم الأخلاق الحميدة ويبعدنا عن الأخلاق الذميمة، ويأمرنا بالتقوى، قال سبحانه : ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِى الحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِى الأَلْبَابِ﴾ .
والحج تجديد للحياة، فيبدأ الإنسان بعد الحج صفحة جديدة مع ربه يعاهده فيها على السير على طاعته والعزم على امتثال أمره واجتناب نهيه، ولعل لأجل ذلك المعنى قام سيدنا عمر بن الخطاب بوضع التقويم الهجري العربي للمسلمين بداية من شهر محرم، فكان هو أول العام الهجري، فهو بداية سنة جديدة في العلاقة مع الله سبحانه وتعالى، فكان بداية تقويم المسلمين.
والحج يدل على التوحيد بمعناه الشامل، فهو عبادة، فكما يفرض على المسلمين صيام شهر واحد، كذلك يفرض عليهم أداء عبادة واحدة في وقت معين من السنة هي الحج، ففي توحيد الحج وحدة للأمة حيث يجتمعون من كل مكان يلبون نداء الله سبحانه وتعالى.
فالمسلم يؤمن بالتوحيد ليس فقط توحيد الإله، بل توحيد شمل كل شيء في بنائه العقائدي، فنبيه صلى الله عليه وسلم واحد لأنه خاتم ، وكتابه واحد؛ ولذلك حفظه من التحريف والتخريف وجعله واحدا لا تعدد له، والأمة واحدة ، والقبلة واحدة، والرسالة واحدة عبر الزمان ، والحج واحد، وشهر واحد افترض الله صومه على المسلمين .
فوظيفة الحج إظهار التوحيد، وتعظيم شعائر الله، وهذا التعظيم هو من تقوى القلوب فينبغي على المسلم إذا ذهب إلى بيت الله الحرام أن يعظم شعائر الله، .
قال سبحانه : ﴿وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ البَيْتِ أَن لاَّ تُشْرِكْ بِى شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ وكلمة «سجود» مصدر، ولكنها أطلقت على الساجدين، وإطلاق المصدر على جمع الفاعلين مثل شهود وقعود، وإطلاقه بهذه الكيفية وكأنه ينفي الشخص وينظر إلى الفعل، وانتفاء الشخص معناه أنه قد فنى في الله سبحانه وتعالى، وأنه قد طلق الدنيا من قلبه، وأنه في سجوده لم يبق له وجود سوى هذا السجود لرب العالمين، وأنه يكرر ذلك السجود ويسجد لله دائما، فهو دليل على كثرة السجود.
يرشدنا ربنا في الحج إلى وحدة الأمة ، وينبهنا إلى أن يكون الحج منطلقا وبداية، وليس من أجل شيء آخر، إنما جاءوا لإعلان التوحيد بالنسك المأخوذ عن حبيب الحق وسيد الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، يقول تعالى : ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ العَتِيقِ﴾ [الحج :29] البيت العتيق، وهو الكعبة المشرفة محل نظر ربنا، والنظر إليها عبادة، فهي مهبط الرحمات، وموضع يستجاب فيه الدعاء.
وطواف المسلمين بالبيت العتيق فيه تشبه بملائكة الرحمن الحافين حول العرش، فالمسلمون يحاكون الملأ الأعلى ولديهم المنهج القويم الذي به أسرار الكون والعبادة، وعمارة الدنيا وسلامها، فالبشر جميعهم يحتاجون إلينا، فعلينا أن نقوم بدورنا وندعو إلى الله بالحال قبل القال، وألا نيأس ولا أن نسير في مهالكنا خلفهم، بل علينا أن نعتز بالله ورسوله، وأن نعتز بديننا.
اقرأ أيضًا:
حكم قراءة القرآن من غير وضوء.. أمين الفتوى يوضح
هكذا علمنا النبي.. دعاء لسداد الدين ولو كان مثل جبل أحد
هل كثرة المصائب وتعسير الرزق وصعوبات الحياة دليل علي عدم رضا الله عنا؟.. عمرو خالد يوضح
عالم أزهري يحذر من حديث منتشر: غير صحيح ومكذوب عن النبي