06:12 م
الإثنين 16 سبتمبر 2024
كتب- محمد قادوس:
أكد الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء، أن المولد النبوي الشريف، ذكرى عطرة تعتبر “فرحة عظمى” لكل المسلمين في شتى أنحاء العالم، موضحا أن فرحة المسلمين تتجلى في كل ربيع أول، عندما تتفاعل أصداء ذكرى ميلاد النبي محمد صلى الله عليه وسلم مع قلوب المؤمنين، وتجعلهم يتذكرون فضل الله العظيم في بعثته.
وأضاف هاشم، خلال فيديو نشرته فضائية “الناس”: هكذا تكون الفرحة العظمى بهذه الذكرى العطرة، التي كلما أشرق ربيع الأول، تجاوبت أصداؤها مع كل القلوب في الأرض، حين أقبلت، يا ربيع المكرم، أقبلت ذكرياتنا تتبسم وتتهادى، وأمنياتنا تتكلم، وحديث الإيمان يرتفع مع الروح، فأصبح وجودنا يترنم بتلك الذكرى، فقف بنا، هل رأيتم مثل أيامها؟ أجل، وأكرم تلك الذكرى هي ميلاد خير البرايا، وعليه صلى الله عليه وسلم.
وأوضح عضو هيئة كبار العلماء: أمرنا ربنا أن نفرح بهذه الذكرى حين قال: ‘قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون’، وفُضِل الله تجلى بمنته ونعمته بميلاده وبعثته صلى الله عليه وسلم، لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين، أنعم بهذه النعمة، فهي نعمة وفضل ورحمة، لأنه قال: ‘وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين’، وهو قال عن نفسه: ‘إنما أنا رحمة مهداه.
وتابع: بين موقفه من إخوانه السابقين من الأنبياء والمرسلين، قال صلى الله عليه وسلم: ‘مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتاً فجمله وزينه إلا موضع لبنة في زاوية من زواياه، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة؟ فَأَنَا اللُّبِنَةُ، وَأَنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ.
واستكمل: وبين حبه لنا، لأمته، وشفقته ورحمته كما روى الإمام مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمر، قال: ‘تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم قول إبراهيم في قومه: {ربّ إنهنّ أضللن كثيراً من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم}، وقول عيسى عليه السلام: {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم}، فرفع كف الدعاء إلى ربه وقال: ‘يا رب أمتي أمتي’، وبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسل الله تعالى جبريل عليه السلام ليقول للنبي: ‘ما يبكيك؟’ وهو أعلم ما يبكيك، فاجتهد وأخبره: ‘يا محمد، إن رب العزة قال: سأرضيك في أمتك ولا نسوك’، فكانت هذه بشرى لنا، يا أمة الإسلام، حق لنا أن نفرح بهذه الذكرى العطرة.
وشرح: هذه الذكرى التي نسعد فيها بتدارس أشرف سيرة في الوجود لصاحب المقام المحمود صلى الله عليه وسلم، تعرب عن فرحنا برسولنا، والفرح بالرسول له فضله وأثره، حسب ما رواه البخاري في صحيحه عن أبي لهب، وهو كافر وفي النار، ومع ذلك عندما ولد الرسول فحملت جاريته ثويبة نبأ ميلاد الرسول ففرح واعتق، فلما التقى العباس بعد ذلك في الرؤية قال له: ‘ماذا أنت؟’ قال: ‘وصلتني رحمة بسبب عتقي لثويبة وفرحي بمحمد بن عبد الله.
وأشار إلى أن أحد العارفين قال: ‘إذا كان هذا كافراً، جاء ذمه وتبت يداه في الجحيم مخلداً، ومع ذلك يخفف عنه يوم الاثنين دائماً للسرور بأحمد، فما الظن بالعبد الذي عاش أمره بأحمد مسروراً ومات موحداً؟’
وأَضاف: يا أمتنا الإسلامية في كل مكان، اجعلوا من هذه الذكرى دافعاً لكم أن تتمسكوا بهديه، وأن تتبعوا سنته، وكونوا يداً واحدة لدرء الأخطار التي تحاول الشغب على الإسلام وعلى رسول الإسلام وعلى سنة رسول الإسلام، أولئك الذين شغبوا على السنة والعلماء وعلى نبينا صلى الله عليه وسلم، إذا كان الله سبحانه قد كرم هذه الأمة وجعلها خير أمة أخرجت للناس، فإنما ذلك لأنهم يقومون برسالة رسولهم من بعده.
وتابع: الأمم السابقة كانوا إذا مات رسولها جاء رسول آخر فنسخ الشريعة السابقة وجاء برسالة جديدة، أما هذه الأمة، فليس هناك نبي بعد رسول الله، فهو خاتم النبيين، الذى قال: ‘أنا العاقب، فلا نبي بعدي’، لا رسالة تأتي لتجدد أو تنسخ، ولا كتاب بعد القرآن، من يقوم برسالة الرسول من بعده هم أمته، ومن هنا كان العلماء ورثة الأنبياء، وعلى الأمة أن تحرص على توقيرهم وحبهم، لأنهم ورثة نبيهم وحاملو أشرف تراث في الوجود، فلنحرص على ديننا وسنة نبينا من أولئك الذين شغبوا عليها، بثوا يا رسول الله بعض أسى من جيش افك، لن تهدم صرحها العالي وإن كثروا. ومنزل الإفك سينهدم، لولا حديثك لم نعرف شريعتنا، ولم نصلي، ولم نحج، ولم نعرف أحكام سرعتنا، جاءت مفصلة في القرآن، وتكفل الله بالقرآن يحفظه، وقولك الحق شرح للكتاب.