علاقات و مجتمع
أناملها الصغيرة لم تعد قادرة على حملها، وطوال سنواتها الخمس تعاني الطفلة خديجة ربيع من السمنة بشكل متزايد، حينما كانت 9 أشهر، بدأت تتذوق الطعام، ولكن شهيتها كانت كبيرة، فهي تأكل دون شبع لدرجة امتلاء معدتها فتجد نفسها ملقاة على الأرض تتقيأ كل ما أكلته، وبمجرد الشعور بقليل من الراحة تبدأ في التهام الطعام من جديد، دون تعب، أو شبع.
حالة نادرة لفتت إليها أنظار الأسرة، وكانت أولى العلامات التبول بشكل متزايد، وفي أي مكان، ما جعل الأم تبحث عن مرض طفلتها، موضحة: «افتكرت الكلى والكبد ورحت لدكاترة وعملتلها تحاليل كتير، بس الدكتور قالي مفيش حاجة ومتدوريش على السبب لأن مشكلتها الأساسية في السمنة»، من هنا بدأت إيمان رشوان في رحلة البحث عن طبيب تغذية تخصص سمنة، ليكشف لها غموض مرض الصغيرة.
كانت حالتها في البداية غريب، فكل التحاليل داخل وخارج مصر تفيد بأن الجين سليم، ولا توجد مشكلة في الكبد أو الكلي، تقول إيمان رشوان في تصريحات خاصة لـ«هن»، «قلب الأم كان بيقولي لا في حاجة غلط البنت بتاكل كل حاجة، الخضرة، ومرقة الدجاج، أي حاجة قدامها تاكل، ومش بتشبع وكحتى لو معدتها اتملت جامد، بترجع وأول ما تهدى تاكل تاني».
رغم رأي الأطباء والتحاليل، كانت حالة الطفلة خديجة البالغة من العمر 5 سنوات تتفاقم، فهي لم تكن مثل أشقائها الثلاثة، بحسب حديث والدتها: «البنت بتكبر وبتتخن بطريقة غريبة بتاكل كل حاجة ومش مدركة بتاكل إيه، بتختار أي حاجة ومرة أكلت فراخ بانية نيه متبلة من التلاجة لأنها كانت جعانة، وبتاكل حتى الخضرة، وحاجات مالهاش لازمة»، فوزنها يزيد كل شهر بمعدل كيلو إلى كيلو ونصف، فأصبح وزنها ما يقرب من 70 كيلوجراما، وهي كتلة كبيرة على سنها الصغير وهو 5 سنوات فقط.
الوزن وحده لم يؤرق الأم، وإنما ازدادت أيضا مشكلة التبول اللا إرادي «بتعمل الحمام كل يوم على نفسها، كل ساعة ونص لازم تدخل الحمام ولو مدخلتش الحمام، بيحصل تبول لا إرادي وطبعا الريحة بتكون ف السرير والبطانيات، فنفسها بيتكم وتتعب جدا، ولازم تروح المستشفى تاخد جليات أوكسجين»، وحينما نامت الأم بسبب مرضها 4 ساعات متواصلة، تبولت الطفلة عدة مرات وكادت أن تفقد حياتها، فما كان من الأم إلا الذهاب بها للمستشفى وهي في حالة صعبة.
طوال سنوات لم تتمكن الأم من معرفة ما هو مرض ابنتها، فكان يزيد وزنها وتزيد المشكلات، «كانت بتلعب رياضة دلوقتي مش قادرة، مستحيل تمشي غير بالمشاية بتتعب جدا، وكمان متقدرش تقف كتير بسبب أن ضهرها بيوجها في البيت بتنام انما في المدرسة مش بتقدر تنام»، فتعرضت الطفلة لمشكلات من المدرسين بسبب عدم قدرتها على الوقوف، وكذلك من زميلاتها تعرضت للتنمر، وتحاول الام جاهدة بكل الطرق أن تجنب ابنتها هذا العذاب.
وأخيرا ظهرت طبيبة لتؤكد للأم أنها ليست خاطئة، والطفلة تعاني من خطب ما، موضحة: «قالتلي أنت صح التحاليل بتقول أن الجين من برا سليم، بس من جوا في حاجة غلط، طلع فيه مشكلة في الكروموسومات، ومش موجود عندها مركز الإحساس بالشبع في المخ فيه طفرة فمش بتحس بالشبع خالص، رغم كدة هي متكلمة ودمها خفيف وذكية جدا، ولكن آخر سنتين زادت 20 كيلوجراما».
وأوضحت الطبيبة للأم إنه يوجد علاج للصغيرة، ولكنه ليس في مصر، وإنما في فرنسا، ويحتاج لتخاطب، وسعره مرتفع للغاية، «وعدى 6 شهور ومحدش كلمني، ووضعها كطفلة بينهار نفسها بيتقفل ومش بتتنفس»، وتابعت الأم باكية، «أسيبها تموت ولا أعمل إيه، أنا عايزة حل نفسي بنتي تخف، السمنة عملتلها مشكلات كتير، زي مقاومة الأنسولين، السواد في رقبتها زاد جدا، هحاول اعالج مضاعفات المنسة لكن المرض نفسه مالوش علاج».
تحاول الأم مرارا في علاج ابنتها، فكرت حتى في بالونة المعدة، «قالولي لا بلاش غلط هتشيلها هتتخن أكتر»، وتنتظر الأم طبيبة مستشفى التأمين الصحي بالإسكندرية، لتعرض عليها ورق الطفلة، وتجلب لها الدواء من الخارج.