علاقات و مجتمع
وسط أهوال الصراع وبين رحى الحرب، خرجت بضفائرها الرقيقة، تحمل عروستها بيدها، لا تعير اهتماما لما يدور حولها، بداخلها هدوء يسيطر على جوارحها، والديها يمسكان بيديها، أشقائها يزاملون خطواتها، فلما الخوف إذن!.
كان ذلك حال الطفلة السودانية رنا أيمن، صاحبة الـ10 سنوات، قبل توجهها إلى معبر أرقين، قادمة رفقة عائلتها من السودان، في طريقها إلى مصر، التي لطالما سافرت إليها الصغيرة في إجازتها لقضاء عطلة سعيدة ومختلفة، لكن هذه المرة الأمر مختلف، سبب السفر ليس ككل مرة، وزاد الرحلة غير.
ترحيب «أم الدنيا» بأهل السودان
«أم الدنيا» كان الوصف الذي أطلقته «رنا» على مصر فور سؤالها عنها، رغم سنها الصغيرة تعلم جيدا قيمة مصر، ودورها الضخم في إعادة آلاف المواطنين من جنسيات مختلفة إلى أوطانهم عبر معبر أرقين.
طالبة الصف الخامس الابتدائي، أصرت على أخذ عروستها «لينا» واحتضانها لعشرات الساعات، حتى وصلت إلى مصر من خلال معبر أرقين، رغم عناء السفر، لكن براءتها أبت أن تتركها في السودان وحدها وتأتي: «أسيب عروستي لمين، كان لازم أخدها معايا، دي صحبتي باخدها معايا في كل حتة».
حقيبة بسيطة ورقيقة حملتها الصغيرة على ظهرها، لم تحتوي ملابس أو أو شيء من أثاث بيتها، بل اختارت أن يكون زاد رحلتها، بعض الكتب المدرسية والروايات والأقلام، من أجل التلوين والقراءة، لتسلي نفسها خلال الطريق الطويل، «حملت بعض الأقلام والكتب للتلوين علاوة على الأي باد، وما حملته ساعدني في تحمل مشقة الطريق».
مشهد الصغيرة عكس قيم البراءة التي لا يمكن لأي صراع أن يشوهها، تلك البراءة التي تعيش في قلوب الصغار، وتعشش في عقولهم، التي جعلت من هذه الطفلة نموذجا جميلا وبسيط، رأى في عروسته وكتبه كل ما يملك، وما يريد حمله بحياته الجديدة.