علاقات و مجتمع
وسط العتمة كان النور الذي يضيء القلوب بصوته العندليب العذب، يشدو ويطرب المحبين، يعلمهم العشق وأنين الحب وعذابه، عشرات الأغاني الذي أداها عبدالحليم حافظ، من التراث الغنائي، الجميع يحفظونها عن ظهر غيب، فكان معشوق الفتيات الأول الذين كانوا يقفون صفوفًا أمام الأستديوهات والبلاتوهات لعلهم يقابلونه عن قرب، حتى فنانات الوسط الفني وقعن في حبه من النظرة الأولى، فهو يعتبر مثال للحب والهيام.
وبالتزامن مع عيد الحب اليوم، نُحيي صاحب مدرسة الحُب الأول، العندليب عبدالحليم حافظ، الذي أسست واحدة من الأطباء المغربيات أكاديمية في حبه، لتخليد ذكراه أبد الدهر، إذ قررت جمع كل أشرطة الغناء الخاصة به، وعمل أكاديمية في الدار البيضاء بالمغرب، بالتعاون مع السفارة المصرية، والسعي وراء مقابلة أقاربه وأصدقاءه.
الدكتورة المغربية آمال بورقية، تدرجت في المناصب العليمة ولكن بقي حُب «حليم» ينمو داخله مهما تقدمت في العمر، وفق حديثها لـ«الوطن»، قائلة: «وصل من قرية صغيرة وكان يتيما أصبح من أهم الرجال والفنانين في العالم العربي بأكمله، يعشق الناس الأساطير ويبقى عبدالحليم حافظ الراعي الرسمي لكلمة أسطورة إذ صعد من أسفل السلم وبقى أهم مطرب في جيله وخالدا لسنين تخطت نصف قرن رغم رحيله، كان ينزف ويُقدم للموسيقى العربية أفضل الألحان والأغاني، هو الشخصية العربية الوحيدة الذي لا يزال حياته حافلة بالأسرار ومثير للاهتمام، على رغم رحيله».
وعن سبب تأسيس أكاديمية باسم عبدالحليم حافظ، قالت الدكتورة المغربية آمال بورقية، لـ«الوطن»: «أظهر هذا الفنان أن الإنسان قادر على تجاوز ضعفه ويغير مجرى التاريخ وأن المستحيل يمكن أن يتحقق، إذ غير الثقافة الشعبية وكان صاحب شخصية متعطشة ومتعددة الجوانب، كان صاحب صوت رائع لا يقارن به أحد في الإحساس والأداء الساحر المتفرد، متغير في النمط والأغاني والذي لم يفعله أحد من قبله، سواء في الفرح والشجن واللون الشعبي، كان له ذكاء واحساس مفرط لما يدور حوله، بجانب كاريزمته وحضوره الطاغي حتى على المسرح كان ساحر للجمهور، عرفنا الحُب من أغانيه».
طلة حليم لها سحر مختلف
«حينما يظهر عبدالحليم على خشبة المسرح يكن الجمهور في هستيريا جماعية.. الوحيد الذي يتكلم ويتجاوب مع الجمهور»، عبارة واصلت من خلالها أستاذة كلية الطب وعضو جمعية أمراض الكلى بفرنسا، الحديث عن العندليب الأسمر، مضيفة: «كان يحس بهموم الناس، كان مرهق الإحساس وذو شخصية ملفتة، حينما يبدأ في الغناء، الكلمات تدخل إلى أعماق الإنسان ولقلبه دون استئذان، ومنذ بداية ظهوره في السينما المصرية وهو حقق نجاح كبير في لحن الوفاء، مع العظيمة شادية، وكونا ثنائيا جميلًا، الحديث عن فنان بحجم عبدالحليم لا يمكن حصره في بعض الكلمات».
وصلة غزل في حب حليم
تغزلت المغربية في أغنية «صافيني مرة» للعندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، إذ قالت: «بها مجموعة من المشاعر والاحاسيس الموجودة والمجمعة في أغنية واحدة، أحدث انقلاب غير مسبوق في هذا العصر، وهو أول من أدخل الإيقاعات الغربية في ذلك الحين، كان دائما يتطلع للجديد، لم يكن محصور في نجاح أغنية بعينها، كان ينظر إلى المستقبل وكان أكبر المبدعين بأعماله».
حليم أكاديمي
هدف تأسيس أكاديمية «حليم أكاديمي»: «الاسم وحده يكفي لصنع التاريخ، نريد من هذه المبادرة المساهمة في إحياء تراثه وأعماله الفنية ومنتجاته وتقديمه كنموذج يدعو للفخر، الذين نفتقدهم في جميع الميادين، كما أنه نريد تقديمه كقدوة لكل الشغوفين بالطرب الجميل، إذ أصبح مدرسة في عالم الفن، والهدف الأسمى هو تشجيع إقامة الندوات الثقافية حول التراث عن عبدالحليم ونقل المعرفة التي تتعلق بأعماله الفنية وحياته وصبره وكفاحه على المرض، كان يقف لساعات يشدو محبيه بالرغم من كونه كان في مرحلة متقدمة من الفشل الكبدي، هو مثال جميع المرضى الذين يصابون به في ريعان شبابهم، كان لا يتنازل عن حلمه وأهدافه»، وفقا للطبيبة.