01:04 م
الخميس 04 أبريل 2024
كتب- محمد قادوس:
قال شيخ الأزهر إن الفائدة من اقتران اسم الله “الضار” باسم الله “النافع” تتمثل في ترسيخ الاعتقاد لدى المسلمين بأنه إذا كان الضار هو الله وليس شخص آخر فإن النافع كذلك هو الله، وبما يمثل دلالة على التوحيد واليقين بأنه تعالى هو وحده الذي يضر وينفع، موضحا أن النفع والضرر من الله تعالى، ولا يملك إنسان أيا كان أن ينفع أو يضر غيره، فهناك البعض يعتقدون بأن صديقه أو مديره في العمل قادر على ضره أو نفعه، على عكس الحقيقة، فكل ذلك بيد الله تعالى، والمدير أو الصديق هو سبب في تحقق الأقدار، بالضر أو النفع.
وأوضح فضيلته، في الحلقة الخامسة والعشرون من برنامج “الإمام الطيب”، أن للضر والنفع أسباب، وقد تناول علماء المسلمين ومنهم الإمام الغزالي ـ رحمه الله ـ الأسباب والمسببات، لإثبات إذا ما كان للأسباب دور في تحقق المسببات، أم أن الأسباب مجرد وسائل تأتمر بالأمر الإلهي، ومثال ذلك، أن النار حين تلامس قطنا أو أي شيء قابل للاحتراق، يحدث احتراق، فهل أحدثت النار بذاتها لإحراق الورق أو القطن، أم تؤمر بإحداث الاحتراق، أم أن هناك فعل آخر أحدث الاحتراق، لافتا أن للسببية ثلاث عناصر، الأول العلة أو السبب وهو محسوس، والثاني الاحتراق وهو محسوس أيضا، والثالث وهو الربط بين الأول والثاني، وهل هو ربط حتمي وضروري الحدوث، بحيث أن الإحراق في النار ذاتي فيها وأنها كلما لامست شيئا قابل للاحتراق يحدث الاشتعال، أم أن هناك أمر آخر.
وبين فضيلة الإمام الأكبر أن المعتزلة يقولون إن الله أودع في بعض الأجسام قوة لتحدث هذا الأثر، بينما يحذرنا الإمام الغزالي من الاعتقاد بأن النار هي التي تحدث الاحتراق في الأشياء القابلة للاشتعال، مؤكدا في رده على بعض الفلاسفة، اعترافه بأنه لا إنكار للنار كسبب، لكن ليس هناك دليل على أن النار هي التي فعلت الاحتراق بذاتها، أو لم تفعل، فرد الفلاسفة بأن دليل ذلك أنه كلما لامست النار للقطن حدث الاحتراق، فسألهم الإمام الغزالي: “ما نوع العلاقة ما بين الظاهرة الأولى “النار” والثانية “الاحتراق”؟”، قائلا أن هاتان الظاهرتان حين تلتقيان يحدث فعل آخر وهو الاشتعال.
وأكد شيخ الأزهر أن بعض الفلاسفة يريدون بذلك إثبات أن للنار إرادة وعلم وقدرة رغم كونها جماد، فكيف خرج سيدنا إبراهيم من النار بعد أن أوحي إليها كوني بردا وسلاما، ودون أن يحترق بل وتمتع بها، ما يدل على أن هناك من يقول لها احرقي أو كفي عن الإحراق، ما يؤكد قول الإمام الغزالي بأن الفاعل في هذا الكون هو الله تعالى، ولا يوجد في هذا الكون، كائنا من كان، له سلطة أو قدرة إلا ما يجريه الله عليه.
وأوضح فضيلته أن على المؤمن الذي تصيبه مصيبة أن يتذكر أنها بيد الله، وأن ما يصيبه من مصائب أو ابتلاءات كلها من الله، فكل شيئ بيده تعالى، وهو راجع إليه وسوف يلقى ثوابا وجزاء ما أصابه مصداقا لقوله تعالى: “وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالو إنا لله وإنا إليه راجعون”، ففي الآية بشارة للصابرين بالجنة وبمنازل عليا فيها، لافتا أن الله تعالى من أسمائه “الصبور”، ومن جرب الصبر يعرف أن منافعه حميدة، وأن مآله يزيل كل الآلام التي صبر عليها.
واختتم فضيلة الإمام الأكبر بأن للصابرين من أهل غزة أعلى الجنان، إن شاء الله تعالى، فذلك وعد الله ولن يخلف الله وعده، حيث وعد سبحانه بأن من يقدمون أرواحهم في سبيل الله أو يقتلون أو يخرجون من ديارهم لهم أعلى الجنان، وأهل غزة قد اجتمع عليهم القتل والإخراج من الديار، وطالهم الكثير من الظلم، وقد قال الله تعالى: “ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون”، فوالله لن تمر كل هذه الأفعال هكذا، فالله تعالى عدل، وهو نصير المظلومين والضعفاء وخاصة حين لا يجد هؤلاء الضعفاء من ينصرهم.