علاقات و مجتمع
شعره كيرلى وأبيضانى وحلو.. ربما تبدو الكلمات عادية، إلا إن سماعها كاد يخلع الفؤاد، فلم تمر الكلمة على الآذان مرور الكرام، لكنها ارتبطت بأم مكلومة على طفلها المفقود، وأب يحاول تكذيب عيناه وهو يرى ابنه صاحب الـ 7 سنوات يلفظ أنفاسه الأخيرة أمامه.
«شوفتوا ابني، ابني يوسف، شعره كيرلى وأبيضانى وحلو» كانت هي كلمات الأم الفلسطينية «روان» وهي تتشبث بيد زوجها، الطبيب محمد حميد، داخل إحدى المستشفيات التي يعمل بها، وتهرول يمينًا ويسارًا «شوفت ابني؟.. ابني يوسف» رحلة استغرقت 20 دقيقة للأم والأب وهما يبحثان عن «يوسف» بين طرقات المستشفى، وغرف الإنعاش والطوارئ وصولاً لثلاجة الموتى، حيث كانت الصدمة التي لم يقدر الثنائي على تصديقها في البداية، الطفل يوسف، جثة هامدة، لتنهار الأم من البكاء رفقة نجلها الآخر، ويقف الأب مصدومًا مُرددًا «الحمد لله.. نحتسبه شهيد».
فيديو لن يطويه التاريخ، كاد يمزق قلوبنا جميعًا، الأم المكلومة، والأب المُحتسب، ونجلهما المنهار على استشهاد شقيقه مُكذبًا أمر عدم رؤيته مرة أخرى.
«شعره كيرلي وأبيضاني وحلو».. والدة الطفل يوسف تروي لحظاته الأخيرة
لحظات مؤلمة لن يطويها الزمن مهما مر عليها، ترصدها الأم المكلومة، روان حسن، في أول تعليق لها لـ «هُن» مؤكدة إنها حتى الآن لم تصدق ما حدث، ورغم شعورها باستشهاده إلا إنها كانت تأمل أن يكون على قيد الحياة: «كان قلبي بيقولي ده استشهد بس كان نفسي إحساسي يكون غلط».
اتقصفنا في بيتنا بعد ما حضنته
يوم مثل أي يوم مر على الأسرة الصغيرة، ذهب الأب لدوامه بالمستشفى من أجل إنقاذ المرضى، واحتضن نجله، الذي بادر بعناق كل أشقائه قبل أن يطلب من والدته تحضير بعض الأطعمة: «حضنا كلنا أنا واخواته التلاتة، وطلب مني أكل قلتله على الضهر، ومكملناش 10 دقايق والبيت اتقصف».
الركام بات يكسوهم، يكاد يكونوا فقدوا السمع والنظر، فكان هذا وصف الأم عما حل بهما بعد القصف: «خرجت من تحت الركام بدور على ولادي، جبتهم من تحت التراب والدمار، بنتي عرفتها من دراعها، بقيت ادور عليهم ولاقيتهم إلا يوسف، وقتها قلبي مبقاش مطمن، اتعمينا ولا كأن فيه غير القبر مش سامعة ولا حاسة ولا عارفة أنا فين ولا سامعة صوت ولادي».
روحت على المستشفى اللي فيها أبوه
بحجاب على رأسها تحمل أشقائه، هرولت «روان» للمستشفى التي يعمل بها الأب تبحث عن نجلها صاحب الـ 7 سنوات، مرددة «شوفتوا ابني، ابني يوسف، شعره كيرلى وأبيضانى وحلو»، ليبدأ الأب بالبحث عنه وهو يحاول مساندتها بين الطوارئ وغرف الإنعاش وحتى ثلاجات الموتى ليصدموا بالأمر: «يوسف شهيد».
لحظة لم تصدق حتى الآن تحكي عنها الأم المكلومة: «لما اتأكدت انه مات انهرت، أخوه مش مصدق بيضربني يقولي عاوز أخويا يوسف، ابني مات ليه، وبأي ذنب مات».