علاقات و مجتمع
واحدة ممن يدافعن عن المرأة وقضاياها باستماتة، تمزج بين الفن والواقع من خلال العزف على آلة النفخ الموسيقية «الفلوت»، وهي آلة مصنوعة من المعدن سواء الفضة أو الذهب، وتستخدم ضمن فرق الآلات النفخية وفرق الأوركسترا بدار الأوبرا المصرية، وارتبطت بها منذ الصغر، هي العازفة رانيا يحيى التي تعتبر واحدة من رائدات الفن في مصر، رئيس قسم فلسفة الفن بأكاديمية الفنون، والحاصلة على جائزة الدولة التقديرية في الفنون لعام 2023.
الدكتورة رانيا يحيى، عضو بالمجلس القومي للمرأة بقرار من رئاسة الجمهورية لعام 2016، حصلت على العديد من شهادات التقدير والجوائز في المسابقات والمهرجات، كما مثلت مصر في كثير من المحافل الدولية، وحصلت على تكريم وجائزة الدولة التقديرية للفنون من المجلس الأعلى للثقافة.
«الوطن» تواصلت مع الدكتورة رانيا يحيى، بعد حصولها على جائزة الدولة التقديرية للفنون، للحديث عن مشوارها وعزفها على آلة الفلوت، ودعمها للمرأة المصرية.
اعتبر آلة الفلوت ابني الأول.. صوتها مثل الكروان
– تعزفين على آلة الفلوت بدار الأوبرا.. متى بدأت علاقتك بها؟
آلة الفلوت صوتها ناعم جدا مثل تغريد الكروان وصوت العصافير، هي آلة نفخ ليس معتاد العزف عليها في المجتمع العربي، حبيتها من طفولتي واللجنة الممتحنة في الكونسرفتوار هي اللي اختارتها ليا، كونها لها مقدرة عالية للتعبير عن الألحان بشكل جذاب، هي تتشابه نوع ما مع الناي الشرقي، كنت بعتبرها ابني الأول قبل إنجاب أبنائي.
– من هو مثلك الأعلى في مجال الفن والعزف؟
كل إنسان فنان لا ينفصل عن فنه، حتى أصبح متيم به وشخصيته بها حالة من السمو والرقي في التعامل مع الأشخاص الآخرين، يحترم ذاته في المقام الأول، ومن بين الأساتذة والقامة الذين أكن لهم كل الاحترام والتقدير في مجال العزف أستاذي العميد السابق للكونسرفتوار وعميد كلية السينما والمسرح في جامعة بدر الأستاذ الدكتور فوزي الشامي، وهناك أيضا أستاذة درست لي في ألمانيا اسمها سوزان ميلان، هي مثلي الأعلى في العزف وتتمتع بالرقة والعطف واللطف.
وهناك أستاذة قمة في الرقي، ليست من عازفي الفلوت، ولكن لها دور في عدم انفصال الشخص عن ذاته، وهي الدكتورة ليلى الصياد، التي درس على يديها أجيال كثيرة في مادة التحليل الموسيقي، وهي التي تجمعت فيها الخصال الحسنة ويدين الجميع لها بالفضل والولاء.
– ما هي الصفات التي تميز عارف الأوركسترا عن أي عازف آخر؟
عارف الأوركسترا لا بد أن يتميز عن غيره في القدرة على سماع المحيطين به، بخلاف الانضباط والشراكة بينه وبين الجميع، كونه يعزف مع المجاميع المختلفة، وهو جزء من مجموعة تتشارك مع مجاميع أخرى، ولا بد من تواجد تناسق وتوافق بين العازفين، وحالة من إعطاء فرص للآخرين، وهي تنعكس على الشخصية وتعطي انطباعا على التحلي بصفة قبول الآخر، ووجهات النظر ويغير من سمات الشخصية، كما إنه يتحلى بالقدر من الانفتاح على ثقافات أخرى خاصة الغربية، وشخصية مقبلة على الحياة.
دعم قضايا المرأة وإطلاقات مبادرات لمناهضة العنف
– تعتبرين من أهم الداعمين لقضايا المرأة.. كيف يتم ذلك وما هي القضايا التي تبنتيها؟
أنا عضو بالمجلس القومي للمرأة بقرار من الرئيس عبدالفتاح السيسي، وهو أمر يدعو للفخر والشرف، ومن أهم القضايا التي أدعمها التمكين بشكل عام ومناهضة العنف ضدها، وقضايا اخرى مثل ارتفاع نسب الطلاق من خلال مسابقة نظمتها، حيث أُشرف على رئاسة لجنة الفنون والآداب في المجلس، وهي «قوتنا لمتنا» لمناهضة ارتفاع نسب الطلاق، وكان بها عدد كبير من المشاركين والداعمين للتماسك الأسري، من خلال بعض المبادرات وزيادة عملها ومشاركتها في شتى المجالات، وكان لها أثرها على الفتيات والسيدات.
كما قمت بعقد بروتوكول مع أكاديمية الفنون في عهد الدكتورة أحلام يونس، وأنشأت وحدة لمناهضة العنف ضد المرأة على شاكلة الوحدات في الجامعات، وهي من أوائل الوحدات التي تم إنشائها، وحاليا اترأس ملتقى وحدات الجامعات المصرية ولدينا 31 وحدة، والتي تقدم وعيا مجتمعيا وتتلقى شكاوى وتقدم مساندة قانونية ومجتمعية ونفسية، ولها أثر إيجابي كبير.
فخورة بتكريم بلدي وسجدت شكر لله
– كيف استقبلتِ خبر فوزك بالجائزة وما أول رد فعلك لكِ؟
استقبلت خبر الفوز بفرحة ومفاجأة غير عادية، كنت مسافرة خارج مصر في مهرجان وملتقى فكري مشاركة فيه، الحقيقة كانت المفاجأة غير عادية خاصة إني كنت بعيدة عن أسرتي ووالدتي، كانت ممزوجة بدموع منهمرة نتيجة لتعب وجهد لسنوات، وشريط تعبي مر أمامي في ثوانٍ معدودة، وكانت رسالة من ربنا بوجود تقدير لتعبي ومجهودي، سجدت شكر لله على هذا العطاء والخير.
وتلقيت مكالمات ورسائل كثيرة لتهنئتي بعد فوزي بجائزة الدولة للتفوق في مجال الفنون، وأكثر شيء أسعدني بهذه الجائزة هو حب الناس والتقدير لعملي، كان مشاعر صادقة ونبيلة من جميع الأشخاص الذين أشادوا بي وبمجهودي.
– ما الذي يميز جائزة الدولة التقديرية عن أي جائزة أخرى؟
ما يميز جائزة الدولة التقديرية أنها تحمل اسم مصر بلدي، وليس مقتصرا على تكريم من مؤسسة أو جامعة أو بعض الأماكن غير المعروفة، لها قيمة كبيرة من قيمة مصر، ولا بد أن يكون مبدعيها على قدر من الوعي والاجتهاد والكفاءة لتشريف اسمها عاليا وسط جميع البلاد، وتعتبر تلك الجائزة مختلفة عن أي جائزة أخرى تلقيتها في حياتي، كما إنها تاج على رأسي يزيني مدى الحياة، وتشعرني بمسؤولية أكبر للتميز وبذل الجهد.