علاقات و مجتمع
«عزيزتي تحية.. تحياتي وقبلاتي إليك ولهدى ومنى، أرجو أن تكونوا بخير، وأن تكون جواباتي تصلك فأنا أكتب لك باستمرار» تبدأ الرسالة بالحب والقبلات للزوجة والحبيبة، يتمنى أن تصل إلى أسرته في ظل ظروف تعيق أحيانًا الوصول، فكل الأماني وقتها أن تعرف الزوجة أنها ليست منسية وفي الوجدان دائمًا، وتنتهي بتوقيع رئيس محارب في أرض المعركة بالأراضي الفلسطينية عام 1948، التي شارك فيها الجيش المصري لتحرير أرضنا العربية المحتلة، وجانب آخر أظهرته الخطابات عن شخصية «ناصر» التي عرفها الجميع من خطاباته التليفزيونية وحتى من عاصروه، لكن ما ورد فيها يعكس شوق الزوج، ولهفة الأب على ابنتيه هدى ومنى اللاتي لم يخلُ خطاب له من اسميهما فيه.
وفي ذكرى ميلاد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر التي توافق اليوم الـ15 من يناير، نستعرض جزءًا من خطاباته لزوجته السيدة تحية كاظم، التي عرضتها في كتابها «ذكريات معه.. تحية وجمال».
كواليس خطابات الرئيس جمال عبدالناصر لزوجته
نص الخطاب يحمل معاني الشوق والحب، على الرغم من الحرب الدائرة ووجود الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في أرض الزيتون يحارب مع الجنود المصريين في فلسطين عام 1948؛ وهي ظروف تعيق كل وسائل التواصل، يرسل إليهن بكل حب وشوق «تحية، هدى ومنى»، خطابات يطمئن بها على الأطفال ويطمئن قلب زوجته التي بكت مع سفره ولم تتح له فرصة لطمأنتها وسافر سريعًا، بحسب ما روته السيدة تحية كاظم في كتابها.
وتقول «تحية» بعد سفر زوجها الرئيس جمال عبدالناصر للحرب في فلسطين، ووداع الأسرة له وكواليس أول خطاب: «رجع أشقاؤه إلى الإسكندرية، إذ كانوا لا يزالون في الجامعة وفي وقت الامتحانات وحضر والده لزيارتنا، وبقي معي مدة حوالي شهر، وبعد ذلك كان يحضر أحد أشقائه أو اثنان منهم حيث كان وقت الإجازة، لم يهمني أي شيء.. وكان الذي يشغلني الحرب وأخبار جمال، وكنت أتلهف على استلام خطاب منه وأفرح جدا عند استلامي الخطاب، وبعد ما أقرأه أقول في نفسي: من يدري ماذا حصل بعد كتابته الخطاب؟!.. وأقلق من جديد وأجلس وحدي أحيانا أبكي، في خطاب بتاريخ 18 مايو، قال لي: أرجو أن تكوني بخير مع الأنجال العزيزات أما أنا فكل شيء يدعو للاطمئنان».
تستمر «تحية» التي كتبت عن كواليس كل خطاب بالنسبة لها، إذ كانت تتطمئن للحظة ويعود القلق يدق باب قلبها: «وفي خطاب بتاريخ 22 مايو سنة 1948: أنا في أحسن حال ولا يشغلني سوى راحتكم والاطمئنان عليكم وأرجو أن أراكم قريبا في أحسن حال.. وفي خطاب بتاريخ 24 مايو سنة 1948: أكتب إليك الآن ولا يشغلني أي شيء سوى راحتكم وأرجو أن تكون شقيقتك قد أحضرت لك شغالة .. أوصيك على هدى ومنى والمحافظة الشديدة عليهما».
جزء من الخطابات المرسلة من أرض المعركة
وفي ساحة المعركة كانت الخطابات تبدأ بالسلامات والتحية، يرجو فيها جمال عبدالناصر أن تكون أسرته الصغيرة بخير، إذ كانت ابنتاه هدى ومنى تبلغان سنتين و5 أشهر، والأخرى سنة و4 أشهر، ليقول إليهما في الخطابات: «عزيزتي تحية.. سلامي وتحياتي وأشوقي إليك، أرجو أن تكونوا بخير وأرجو أن تكون جواباتي تصلك فأنا اكتب لك باستمرار، ولو أن طريقة توصيل هذه الجوابات غير منتظمة، أرجو أن تكوني مطمئنة جدا علي، فأنا بخير والحمد لله، والشيء الوحيد الذي أفقتده وأستشعر به هو أنتم، ولكن إن شاء الله نلتقي قريبًا وتكونوا في أحسن حال.. ستصلني اليوم خطابات باسمی وأتعشم بفارغ صبر أن يكون به جواب منك فقد وحشتنی جدًا جواباتك، أما انت فقد وحشتینی جدًا وإن شوقي لك لا يمكن التعبير عنه»، واختتم الأب خطابه بالاطمئنان على حال طفلتيه، مؤكدا أن كل ما يهمه هو ألا ينقصها شيء، وأن تكون مرتاحة ومطمئنة «ولك أشواقي وقبلاتي.. جمال».