03:25 م
الجمعة 19 مايو 2023
كـتب- علي شبل:
تحدّث إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور خالد المهنا عن خشية الله في الغيب والشهادة الذين يخشون ربهم في السرّ والعلن, خوفاً من عقابه, وطمعاً في مرضاته وثوابه، لافتا إلى أن خشية الله تعالى على نوعين متلازمين.
وأوضح الدكتور خالد المهنا في خطبة الجمعة بالمسجد النبوي اليوم، نقلا عن وكالة الأنباء السعودية واس، أن خشية الله هي الخوف منه المُصاحب لتعظيمه والعلم به سبحانه، وهي خشيَة العالِمين بأسمائه الحُسنى, ونعوت جلاله العُلى، العالِمين بأفعالهِ وأحكامِهِ المتضمنة كمال الحكمة التي يمدُّ عليها جل وعلا، وخشية الله بالغيب هي خوف العبد من ربّه في حال مغيبهِ عن أعين الناس, حيث لا يراه إلا ربُّ الناس، فهذه الخشية على الحقيقة، وهي الخشية الكاملة التي مدح الله أهلها بقوله تعالى “إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ”.
وأضاف أنه كلما ازداد العبد علما بربه ازداد خشية له حتى يعلو إلى مقام الإحسان فيعبد الله كأنه يراه، فذاك الذي أزلفت له الجنة، وبُشِّر بمغفرة الله في وعده الذي لا يخلف, فقال سبحانه ” وَأزلِفَتِ الجَنَّة لِلمتَّقِينَ غَيرَ بَعِيدٍ هَذَا مَا توعَدونَ لِكلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ مَن خَشِيَ الرَّحمَنَ بِالغَيبِ وَجَاءَ بِقَلبٍ مُنِيبٍ”.
وقال فضيلته : أهل خشية الله هم المنتفعون بالإنذار، لأن خشيتهم حق لا رياء فيها، وأهل هذه الخشية موعودون بوعد كريم يوم يقوم الناس لرب العالمين, وذلك في عرَصَات القيامة قبل دخولهم الجنة، بشّرهم به إمام المتقين صلوات الله عليه وسلامه بقوله : “سَبعَة يظلهم الله في ظلّه يومَ لا ظل إلا ظلُّه, وذكر منهم : رجلٌ دعته امرأَة ذات مَنصبٌ وجمال, فقالَ : إنّي أخَاف الله, ورجل ذكَرَ الله خَالياً فَفَاضَت عيناه” متفق عليه.
وبيّن الشيخ الدكتور خالد المهنا أن أدلة الوحيين الشريفين دالة على أن خشية الله تعالى على نوعين متلازمين, الأولى خشية العبد من ربه أن يعاقبه على ذنب ارتكبه أو فرض لازم ضيّعه, وثمرة هذه الخشية المحافظة على الحدود, والحذر من المعاصي وأسبابها, فمن قمع نفسه عن الذنب اتقاء عذاب الله وخوفاً من عقابه فقد خشي الله بالغيب, وكذلك من أذنب ثم تاب من ذنبه فتاب إلى ربّه, وأناب فهو من أهل الخشية, قال الإمام التابعي الجليل سعيد بن جبير رحمه الله : الخشية أن تخشى الله حتى تحول الخشية بينك وبين معصيتك.
والثانية, خشية العبد من ربّه ألا يتقبّل ما عمله من طاعته سبحانه, ولهذه الخشية مظاهر تنبيء عنها أحوال المتقين, وأخبر عنها رب العالمين في قوله جل وعلا ” إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُون وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِم ْيُؤْمِنُونَ وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ”.
وبيّن فضيلته أن أولئك يبادرون في الأعمال الصالحة, ويطلبون الزلفة عند الله بطاعته, وهم الذين سبقت لهم من الله السعادة وهم الذين جمعوا مع التصديق وتحقيق التوحيد خوفهم ألا ينجيهم ذلك من عذاب الله.
وأضاف إمام وخطيب المسجد النبوي أن المؤمن ينفق ماله ويتصدق وقلبه وجلٌ أنه إلى ربه راجع, ويعمل بطاعة مولاه غير مستيقن من أدائها على مراد الله إخلاصاً واحتساباً فهو خائف من تقصيره في إتمام شروط قبول العمل الصالح, وإنه ليعمل بطاعة مولاه وهو يشهد منّته عليه إذ وفّقه لأدائها وهداه إليها, فليس له منه شيء ولا حول ولا قوة له إلا بربه, فهو بين رجاء المثوبة عليها بكرم الله سبحانه وبين خوفه من ردها بسوء عمله فلا يعجُب بعمله ولا يأمن مكر الله به ” فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ”.