علاقات و مجتمع
الجلوس في ساحة الحرم المكي ومناجاة لله في خشوع وبكاء وهي تنظر إلى الكعبة الشريفة وتسعى لملامسة أستارها الكريمة، رحلة روحانية تعلقت بقلب «مها نور» منذ أن كان عمرها 18 عامًا، فهو حلم ظنَّت بصعوبة تحقيقه، وكلما تقدم العمر كلما ازداد اشتياق السيدة الأربعينية لزيارة تريح قلبها، وعلى حين غفلة وفي مكالمة لم تتجاوز دقائق معدودة تحقق حلم «مها» لزيارة بيت الله الحرام كهدية مجانية من صديقتها.
شعور عجزت «مها» عن وصفه كلما تذكرت المكالمة التي تلقتها من صديقتها، قبل عدة أشهر، وتحديدًا في يناير الماضي، حينما أخبرتها بالإسراع في تحضير حقيبتها الخاصة والانتهاء من إجراءات السفر، فهي على موعد من الزيارة التي تمنتها طيلة 20 عامًا.
محاولات «مها» في تأدية العمرة منذ عمر الـ18
«كان نفسي أطلع عمرة من زمان والظروف مش سامحة» تروي «مها» خلال حديثها لـ«هن» عن حلم سعت لتحقيقه في محاولات عدة، كان أولها وهي ابنة الـ18 عامًا، حين قدمت والدتها لرحلة العمرة، لكن المحاولة انتهت بالفشل لعدم وجود «المَحْرَم»، حزنت الفتاة، آنذاك، وظلت المناجاة لله هي الأمل الذي تعلقت به لمحاولة جديدة تنل بها رحلة العمرة.
تقدم العمر بالفتاة الشابة ومرت السنوات، وبقى مشهد الجلوس أمام الكعبة الشريفة محفورًا بداخلها، ويتزايد الاشتياق كلما رأت صورًا مشابهة عبر صفحات التواصل الاجتماعي، وفي إحدى المرات، قرأت «مها» عن مجموعة من الأدعية الربانية كلما رددها الشخص تيسرت أموره وتفرجت همومه.
«مها» تواظب على الأدعية بنية الذهاب إلى العمرة
ظلت «مها» ملتزمة بترديد الأدعية بنية التيسير لرحلة العمرة، وفي الوقت ذاته ظلت تسعى لمحاولات السفر لكن الظروف المادية لم تتمكن من تحقيقها، وخلال إحدى المحادثات مع صديقتها، التي تعرفت عليها منذ عام خلال إحدى المناسبات العائلية، أخبرتها «مها» عن أمنيتها وسعيها المستمر في توفير ثمن رحلة العمرة: «حاولت كتير أطلع لكن الفلوس معايا مش هتقضي».
وصلة «الدردشة» التي بدأتها «مها» مع صديقتها كانت بهدف مساعدتها في مزيد من البحث عن رحلات العمرة بأسعار رخيصة، لكنها لم تتخيَّل المفاجأة التي أعدتها صديقتها، إذ ما زالت تتذكر السيدة الأربعينية، المكالمة التي تلقتها بشكل مفاجئ، تتذكر «مها» تفاصيل المشهد قائلة: «كان يوم جمعة وبعد ما صليت قعدت أدعي.. ودخلت نمت وفجأة تلقيت مكالمة من صحبتي».
مكالمة مفاجئة من صديقة «مها»: جهزي شنطتك أنا حجزت لك رحلة عمرة
«جهزي شنطتك أنا حجزت لك رحلة عمرة» كلمات وقفت عندها السيدة الأربعينية كثيرًا، لم تتمالك الفرحة التي انتابت جسدها: «قالت لي هتطلعي العمرة»، فرحة المفاجأة لم تقف عند ذلك، إذ جاء الحجز في أفخم الفنادق المطلة على الكعبة الشريفة.
وفي شهر يناير الماضي، كانت «مها» في طريقها برفقة شقيقتها لتأدية مناسك العمرة، لتعايش المشهد الروحاني الذي تمنته من طفولتها وازداد حين رأت الصور المنتشرة على «فيس بوك»: «في أقل من أسابيع ربنا حققلي حلمي.. وبقيت مكان الناس اللي بشوفها في صور العمرة».
وبعد سنوات عجاف وقفت «مها» أمام الكعبة الشريفة رافعة رأسها للسماء شاكرة الله على تحقيق حلمها «مكنتش مصدقة نفسي سعادة فوق ما أتخيلها.. مكنتش محتاجة أي حاجة غير العمرة»، وخلال زيارة السيدة الأربعينية في مكة المكرمة قابلت صديقتها التي حققت حلمها: «كانت أحلى مقابلة في أطهر بقاع الأرض.. حقتلى حلم عمري».