11:44 ص
الجمعة 01 سبتمبر 2023
كـتب- علي شبل:
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالًا من شخص يقول: نرجو منكم بيان ما ورد في السنة النبوية من تحذير النبي صلى الله عليه وآله وسلم من التخلف عن صلاة الجمعة كسلًا وتهاونًا ممَّن وجبت عليهم؟
في رده، أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، أن صلاة الجمعة شعيرة من شعائر الإسلام، أوجب الشرع السعي إليها والاجتماع فيها والاحتشاد لها؛ توخِّيًا لمعنى الترابط والائتلاف بين المسلمين؛ قال الإمام التقي السبكي في “فتاويه”: [والمقصود بالجمعة: اجتماعُ المؤمنين كلِّهم، وموعظتُهم، وأكملُ وجوه ذلك: أن يكون في مكانٍ واحدٍ؛ لتجتمع كلمتهم، وتحصل الألفة بينهم] اهـ.
وأضاف علام، في بيان فتواه عبر بوابة الدار الرسمية، أنه ولذلك افترضها الله تعالى جماعةً؛ بحيث لا تصح مِن المكلَّف وحدَه مُنفرِدًا؛ فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الجمعة: 9-10].
وهاتان الآيتان تدلان على وجوب شهودها وحضورها على كلِّ مَنْ لزمه فرضُها، من وجوه:
الأول: أنهما وردتا بصيغة الجمع؛ خطابًا وأمرًا بالسعي؛ فالتكليف فيهما جماعي، وأحكامهما متعلقة بالمجموع.
الثاني: أن “ذكر الله” المأمور بالسعي إليه: هو الصلاة والخطبة بإجماع العلماء؛ كما نقله الإمام ابن عبد البر في “الاستذكار” (2/ 60، ط. دار الكتب العلمية).
الثالث: أنَّ مقصود السعي هو: حضور الجمعة؛ كما في “تفسير الإمام الرازي” (30/ 541-542)، والأمر به: يقتضي الوجوب؛ ولذلك أجمع العلماء على أن حضور الجمعة وشهودها واجب على مَن تلزمه، ولو كان أداؤها في البيوت كافيًا لما كان لإيجاب السعي معنى.
وأشار فضيلة المفتي إلى أن ما دلت عليه السنة النبوية المشرفة؛ فعن طارق بن شهاب رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ إِلَّا أَرْبَعَةٌ: عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، أَوِ امْرَأَةٌ، أَوْ صَبِيٌّ، أَوْ مَرِيضٌ» رواه أبو داود في “سننه”، والحاكم في “مستدركه”، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.
ولفت علام إلى أنه شدَّد الشرع الشريف على مَنْ تخلَّف عن أدائها ممَّن وجبت عليه، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَعَلَيْهِ الْجُمُعَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَّا مَرِيضٌ أَوْ مُسَافِرٌ أَوِ امْرَأَةٌ أَوْ صَبِيُّ أَوْ مَمْلُوكٌ، فَمَنِ اسْتَغْنَى بِلَهْوٍ أَوْ تِجَارَةٍ اسْتَغْنَى اللَّهُ عَنْهُ، وَاللَّهُ غَنِيُّ حُمَيْدٌ» رواه الدارقطني والبيهقي في “سننيهما”.
وروى الإمام مسلم في “صحيحه” من حديث عبد الله بن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ الْجُمُعَاتِ، أَوْ لَيَخْتِمَنَّ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ الْغَافِلِينَ».
وروى أبو داود في “سننه” عن أبي الجعد الضمري رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ جُمَعٍ تَهَاوُنًا بِهَا طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ».
وقد عنون الإمام أبو داود في “سننه” (باب التشديد في ترك الجمعة) اهـ. قال الإمام بدر الدين العيني في “شرحه على سنن أبي داود” (4/ 371، ط. مكتبة الرشد): [أي: هذا باب في بيان التشديد بالوعيد في ترك الجمعة من غير عذر] اهـ.
وقال الملا علي القاري في “مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح” (3/ 1024، ط. دار الفكر): [“من ترك ثلاث جمع” بضم الجيم وفتح الميم جمع جمعة “تهاونًا بها” قال الطيبي: أي إهانة، وقال ابن الملك: أي تساهلًا عن التقصير لا عن عذرٍ “طبع الله”؛ أي: ختم “على قلبه”: بمنع إيصال الخير إليه] اهـ. وممَّا ذُكر يُعلم الجواب عما جاء بالسؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
اقرأ أيضا:
يشك في زوجته ويريد إثبات جريمة الزنا في حقها.. وأمين الفتوى يرد منفعلاً (فيديو)
له 3 لوحات في الروضة الشريفة.. مفاجأة حول جنسية خطاط المسجد النبوي
أمين الفتوى: عقوق الوالدين مصيبة ودعاء الأم من قلبها على ابنها العاصي مستجاب
أبيع منتجات أون لاين بزيادة 10%.. فهل هذا حلال؟.. علي جمعة يرد