مطبخ
إعداد فطورا شهيا لأحد أطفال مرضى حساسية القمح، يكفيه طيلة يومه الدراسي، يعد أمرا شاقا على مئات الأمهات اللاتي يعاني صغارهن من هذا المرض، ليس فقط لخطورة تناولهم العيش والفينو والمخبوزات التي يشتهيها الأطفال، إنما أيضا لصعوبة إعداد تلك الأصناف وغلاء المكونات، حتى البسكويت والحلوى التي يهواها الصغار، قد تدفع بهم إلى المستشفى، إثر نوبة إغماء وإعياء شديد، نتيجة إصابتهم بحساسية من تناول أي طعام يحتوي على القمح.
مطبخ صديق لمرضى حساسية القمح
المعاناة السابق وصفها، دفعت شيماء عبد الله، وعشرات الأمهات والفتيات، للتعاون معا، من أجل تدشين مطبخا خاصا بالجمعية المصرية لمرضى السيلياك «حساسية القمح» يعددن فيه، كل أنواع المخبوزات والحلوى المصنوعة من دقيق صحي خالي من الجلوتين، المادة المسببة للحساسية عند المصابين بهذا المرض، حيث يتسبب المرض في عدم قدرة الأمعاء الدقيقة على هضم الأطعمة التي تحتوى على القمح، ما يتسبب في حدوث تقلصات الأمعـاء وإسهال واحتكاك جلدي، يصل إلى الإغماء.
«مريض السيلياك لازم يتجنب أي أكل فيه قمح عادي، عشان فيه مادة الجلوتين اللي بتعمل حساسية، حتى رغيف العيش العادي ممنوع عنه، ولازم ياكل عيش معين ومخبوزات من دقيق خالي من الجلوتين»، تقول شيماء، مؤسس الجمعية المصرية لمرضى السيلياك، في بداية حديثها لـ«الوطن»، عن سبب تفكيرها في تأسيس مطبخ خاص بالجمعية، إذ عانت كثيرا مع المرض، بسبب عدم توافر الأطعمة الصحية الخاصة بهم، باعتبارها واحدة من المرضى المصابين بتلك الحساسية.
دقيق خالي من الجلوتين
المطبخ الذي بدأ العمل به الشهر الماضي، تديره شيماء، بمساعدة أمهات الأطفال مرضى السيلياك، وفتيات مصابات بالمرض، تطوعن جميعا بأوقاتهن لإنتاج مخبوزات صحية خالية من الجلوتين، لا يلجأن إلى أي دقيق أبيض لبيعه بسعر مدعم، لارتفاع أسعار المكونات اللازمة لإعداد الوجبات الصحية لمرضى حساسية القمح، هكذا روت منال محروس، إحدى السيدات المتطوعات في هذا المشروع، فكرة المطبخ في حديثها لـ«الوطن».
الأم الخمسينية المصابة بـ«السيلياك» هي وأبنائها الثلاثة، عانت معهم كثيرا في طفولتهم، لعدم توافر خبز خالي من الجلوتين في المحلات بسهولة: «أيام ما ولادي كانوا في المدرسة، مكنتش بلاقي عيش خالي من الجلوتين خالص، ولو لقيته بيكون مش طازة، وطعمه مش حلو، أنا حاسة بمعاناة الأمهات»، من أجل ذلك جاءت فكرة المطبخ، للمساعدة في عمل المخبوزات الصحية لتسهيل المهمة على الأمهات، بحسب روايتها.
ارتفاع سعر المنتجات
السيلياك أو «celiac disease»، نوع من الحساسية يظهر مع تناول دقيق القمح ومنتجاته بجميع أنواعها، بسبب حساسية الجسم الدائمة لمادة الجلوتين، وهو البروتين الموجود في بعض الحبوب كالقمح والشوفان والشعير، تتمثل أبزر أعراضه في تقلصات الأمعاء، وحموضة المعدة، والإسهال والضعف الشديد، وقلة الطاقة وبطء النمو لدى الأطفال.
مرض «حربائي»، يتسلل إلى عشرات البيوت، ويقلب النمط الغذائي للمصابين به، رأساً على عقب، في بداية الأمر، تضطر بعض الأمهات إلى شراء كل الأطعمة الخالية من «الجلوتين»، من المحلات المخصصة لذلك، كما يوصي الأطباء، بداية من رغيف الخبر الجاهز في المتاجر الكبرى، وصولًا إلى الأجبان والبسكوت والكعك والحلوى المخصصة لمرضى «السيلياك»، وقد تتخطى ميزانية تلك الأطعمة الخمسة آلاف شهريا، بحسب رواية الأم، فما كان منها إلا أن تطوعت في مخبز جمعية مرضى السيلياك، لمساعدة غيرها من الأمهات.
إلى جانب أصناف المخبوزات الشهية، كالبيتزا والبسكوت والفينو والخبز، يقدم مطبخ الجمعية أكياس الدقيق والمكرونة الخالية من الجلوتين، بأسعار مخفضة في حال رغبة الأهالي شراء المكونات وإعداد الأصناف في منازلهم: «بنحاول نوفر كل الحاجات سواء منتجات أو مكونات خام عشان نسهل على الناس، ونساعدهم يلتزموا بالنظام الصحي المخصص ليهم»، بحسب قول شيماء مؤسس الجمعية.
مخبوزات خالية من الدقيق الأبيض
وفقًا للمعهد الوطني للسكري وأمراض الجهاز الهضمي والكلى (NIDDK)، يعاني حوالي 1 من كل 141 أمريكيًا، من مرض الاضطرابات الهضمية، ويحتاج هؤلاء الأشخاص، إلى التخلص من الجلوتين من نظامهم الغذائي.
لا تطمح «شيماء» وسيدات المطبخ الخاص بالجمعية بأي شيء، سوى أن يصلن بمنتجاتهن إلى كل محافظات مصر، يحتاجن معدات وأجهزة إضافية تساعدعهن على إنتاج كميات أكبر من الطعام: «إحنا بنستخدم أدوات مطبخ بسيطة جدا، وبتمنى الناس تدعمنا بأجهزة، عشان نقدر نوصل لكل مرضى السيلياك»، بحسب تعبيرها.