علاقات و مجتمع
قبل 80 عامًا في مدينة الجزائر، دشن محمد بوعكاز متجر الورود الخاص به، وارتبطت صورته واسمه بالأزهار، وسمى المتجر بـ«ورود الجزائر»، حيث كان أقدم باعة الورود في البلاد، وظل يمارس مهنته منذ الحقبة الاستعمارية، وفي الساعات الماضية توفى الرجل المعروف بـ«عمي محمد»، لينعاه كثير من الجزائرين، بكلمات مؤثرة لشدة حبهم له.
وفاة «عمي محمد» بائع الورود
وفقًا لموقع «سكاي نيوز»، كان المتجر الخاص بالرجل، يضيف لساحة البريد المركزي في شارع العربي، أحد أشهر شوارع الجزائر العاصمة، جمالًا خاصًا، وعقب وفاته هيمنت حالة كبيرة من الحزن، وفي الساعات القليلة الماضية، تداولت حسابات على منصات التواصل الاجتماعي، تفاصيل الخبر، واتضح أنه كان لسنوات يضيف بهجة وسحرًا خاصًا للمكان ويحبه الجميع، فطالما كان «عمي محمد» يحرص على جمال المنطقة ونظافتها، فحولها مع الوقت من نشاط يكتسب منه قوت عيشه، إلى جزء لا يتجزأ من ديكور مدينة الجزائر.
كلمات نعي حزنًا على بوعكاز
«عمي محمد كان يبيعنا باقات الورود الجميلة، عند ساحة البريد المركزي غادرنا»، «يوم دون سيارة»، بهذه العبارات علّق عديد من الجزائريين على رحيله الرجل المفاجئ، إذ أنه الذي كان دومًا يستقبل الزبائن والزوار الذين يقصدونه من كل جهة، لاقتناء باقات ورد يهدونها أو يزينون بها مواكب أعراسهم، واليوم يمرون على المحل وعلامات الحزن بادية على وجوههم، فيجدونه مغلقًا دون «عمي محمد»، إذ كان يشهد جميع من عرف الرجل عن قرب على وفائه لمهنة بيع الورود منذ نعومة أظافره، والدليل على ذلك عودته من فرنسا، والاستقرار في الجزائر بعد الاستقلال، لمواصلة بيع الورود وتزيين مواكب أعراس الجزائريين بها.
جائزة بائع الورد
من أمام محل الراحل، كتب أحد المارة، إن محل «ورود الجزائر» فاز في مسابقة بلديه، على أفضل محل لبيع الورد في الجزائر، وعبّر كثير من المواطنين عن أمنياتهم في بقاء هذا المحلّ، خاصةً أنه تحول إلى ديكور مبهج في العاصمة، نظرًا لقيمته الرمزية والجمالية، واقترح كثير من الجزائريين، أن يتم إهداء ورود ووضعها أمام محل الراحل، في مبادرة تكريمية له، خاصةً أنه ظل محافظًا على هذه المهنة، ورحل وهو يردد «لا يوجد بلد دون ورود».
وكتبت الإعلامية الجزائرية نبيلة سنجاق، عن رحيل الرجل: «توفى اليوم عمي محمد بائع الورد بساحة البريد المركزي، الباب مغلق والورود تبكي بالداخل، رحيل من كان يسقيها ويعتني بها يوميا قبل طلوع الشمس، لتتصدر واجهة المدينة بألوانها، وتبهر الأعين وتسكن القلوب، له الرحمة والمغفرة»، وأضاف الإعلامي سامي قاسمي: «الجزائر تودع أشهر بائع للورود، الحاج محمد بوعكاز في ذمة الله، الله يرحمه ويغفر له، إنا لله وإنا إليه راجعون».
وعلق الإعلامي جمال معافة: «هذا محل بيع الورود بالبريد المركزي وسط العاصمة، للأسف بابه موصد اليوم، لأن صاحبه عمي محمد، وافته المنية اليوم، ألف رحمة على روحه الطاهرة، أريد ألّا يختفي هذا المحل نهائيًا لقيمته الرمزية وجماليته ثم تخليدًا لروح المرحوم عمي أحمد، الذي كان يسقي حتى الأشجار المجاورة لمحله»، وذكرت الكاتبة والروائية حميدة شنوفي: «إنا لله وإنا إليه راجعون، لا أعرف العم محمد شخصيا، لكني أعرف ورود الجزائر، كنت كلما مررت من هناك أخذت صورًا للذكرى».