علاقات و مجتمع
على مقعد متحرك، تتحكم فيه بأيديك، ربما الجلوس عليه كان بسبب الإصابة بمرض ما، أو حادث، قد تفقد بعدها الإرادة ويتملكك اليأس، إلا أن يظهر شريك الحياة، كالقشة التي يتعلق بها كل غريق للوصول لبر الأمان، الإبحار نحو بصيص من الأمل وباب جديد للحياة
داخل إحدى صالات التمارين الرياضية، ولدت شرارة الحب للمرة الأولى بين فاطمة أحمد، وزوجها محمد عبدالفتاح من ذوي الاحتياجات الخاصة منذ عدة أعوام، فلم تتوقع الفتاة الحسناء في العقد الثاني من عمرها أن تتحول ساحة الرياضة لمساحة نشأت بها حبها الأخير الذي لفت انظارها بشخصيته القوية واجتهاده في تدريب المتدربين رغم مكوثه على مقعد متحرك.
أول لقاء كان الجيم
كان اللقاء الأول الذي جمع بين «محمد» و«فاطمة» كان في صالة الألعاب الرياضية «جيم»، فرغم انشغالها بممارسة ألعابها البدنية، كان يدخل محمد الصالة على كرسي متحرك، لتشعر بأول دفقات الاعجاب تجاهه، فهو رجل يتحمل الصعاب ويتحدى إعاقته بممارسة الرياضة، إذ كان مدربًا في صالة للألعاب الرياضية قبل أن يتعرض لحادث أجبره على استخدام الكرسي المتحرك طيلة حياته، لكنه لم يتوقف عن عمله أبدًا.
أنا اللي قلت له عاوزة اتجوزك ووالدي دعمني
حب شديد وُلد بقلب «فاطمة» تجاه «محمد» بحسب حديثها لـ«هن» أجبرها على الاعتراف به واتخاذ الخطوة الأولى: «اتلككت عشان اتدرب معاه والإعجاب اتحول لحب، أنا اللي طلبته للجواز، واكتشفت أنه كمان بيحبني بس متردد يصارحني».
قصة حبها الاستثنائية لم تلق إلا دعم والدها، الذي كان يشعر دوما أن زواجها سيكون ناجحا، وفقا لها: «قلت له أنا عاوزة أتجوزك، هو نموذج وشخصية قوية».
محمد كان بيحبني وزواجنا مشاركة في كل حاجة
شعور «فاطمة» لم يختلف كثيرا عن شعور الأخير تجاهها: «كان معجب بيا واعترفلي أنه حب شخصيتي المختلفة، وكان بينا نظرات اعجاب لكن أنا اللي بادرت بالخطوة الأولى»، وأوضحت أن العلاقة بينهما تعتمد على المشاركة، التي بدأت بإقناع الأهل وحتى تدبير أعمال المنزل سويا: «عملنا فوتوسيشن وكتب كتابنا في الآخر».
ومن القاهرة لمحافظة الشرقية، إذ التقت هند الهادي، 30 عاما، بطلة العاب القوى على مقعد متحرك بزوجها محمد رجب، لتجمعهما قصة حب كبيرة منذ التحاقهما في كلية دار العلوم عام 2013، وحتى اليوم، إذ كلل حبهما بالزواج منذ عامين والإنجاب.
لم تكن الظروف التي تمر بها هند الهادي، هينة على الإطلاق، إذ فقدت ساقها اليمنى على إثر حادث تعرضت له وهي في المرحلة الابتدائية، قبل أن تفقد والدتها أيضاً، إلا أن الأمر لم يعيقها على تحقيق حلمها، فعلى الرغم من رفض والدها مشوار تعليمها خوفاً عليها، لكنها استكملت دراستها بالثانوية العامة دون علمه لتقابل حب عمرها وشريك حياتها في العام الأول.
اتعرفنا في 2013 وكان الحب من أول نظرة
تؤكد «هند» أنها قابلت زوجها في بداية الدراسة الجامعية، إذ نشأت بينهما نظرات الإعجاب والحب التي دفعته لمصارحتها: «حبني حب شخصيتي مبصش لأي حاجة تانية وكان دايما داعم اني اتفوق في الألعاب الرياضية بيحفزني ويدعمني».
طلب الخطبة من «محمد» قبلته الأخيرة بالتأجيل وفقا لحديثها لـ«هن»: «قولتله نستني لأننا بندرس وقتها حول من الكلية وأنا انشغلت بالرياضة لكن عمر ما حبنا قل وفضل مستنيني، لحد ما خلصنا دراسة وخلص جيش».
بطولات رياضية بدعم وحافز من شريكها خاضتها «هند» إذ بدأت مسيرتها الرياضية بلعبة رفع الأثقال، ثم ألعاب القوى، لتنضم للمنتخب المصري لألعاب القوى لذوي الاحتياجات الخاصة كلعبة فردية، وفي لعبة الكرة الطائرة كلاعبة جماعية، لتنجح في حصد 20 ميدالية في مباريات مختلفة، قبل أن تدخل القفص الذهبي: «بيشجعني ويدعمني ويحضر كل للتمارين ويشاركني مهام البيت عشان اقدر أوفق بينه وبين الرياضة والأمومة، هو الدافع والجندي المجهول لكل نجاح».