علاقات و مجتمع
كانت جيدا تبلغ من العمر 9 سنوات فقط، حينما طلبت من والدتها أنّ تذهب معها لشراء ما تريده، لكنها رفضت بجملة واحدة: «جيدا خلاص»، شعرت منها الصغيرة أنها لن ترى والدتها مرة أخرى، ليتحول شعور الطفلة إلى واقع مؤلم، وبعد 4 سنوات كاملة، كان التواصل الأول مع الأم، وحاليا كل ما يجمعهما هو مكالمات هاتفية، ورسائل اطمئنان من وقت لآخر، ليكون تأثير الانفصال مؤلمًا خاصة على الأطفال، لذا عاشت «جيدا» طوال تلك السنوات بجرح لم يندمل.
صدمة في الطفولة تؤدي لصنع فيديوهات توعوية
كانت مكتئبة وتبكي ومنطوية، وتعاني من نوبات القلق بشكل كبير، فعاشت في صدمة وطفولة قاسية، فهي لم تتوقع أنّ تتركها والدتها فجأة بهذا الشكل، حتى قابلت محمد، الذي غير حياتها تماما، أدخل عليها البهجة والبسمة بحسب حديثها لـ«هن»، وعلى الرغم من سنوات عمرها الـ18 فقط، إلا أنها وافقت على الزواج منه، رغم أنها لم تفكر في هذا الأمر من قبل لصغر سنها، فجائتها الفكرة التي غيرت حياتهما رأسا على عقب، وأصبحا أول ثنائي سوري، يقدم محتوى توعوي بالحياة الزوجية على مواقع التواصل الاجتماعي.
وبينما كانت عمل صفحات على منصات التواصل الاجتماعي، فكرة «جيدا»، فإن محمد البغدادي، أصبح يبتكر أفكارًا مختلفة للفيديوهات التوعوية التي يقدمها على منصات السوشيال ميديا ويوتيوب بحسب حديثه لـ«هن»، ويحتفل الثنائي هذه الأيام بعيد زواجهما الأول، مع نبأ حمل «جيدا» في طفل، وهكذا تريد الفتاة السورية حياة مستقرة مع طفلها وزوجها بلا انفصال أبدًا، إذ كان أول تواصل مع والدتها بعد 4 سنوات من تركها لها، ولا تشعر أنها تمكنت من مسامحتها بنسبة 100%.
محتوى هادف للحياة الزوجية
كان الانفصال هو السبب الرئيسي ليبدأ الثنائي فكرة صناعة محتوى عن الحياة الزوجية والمشكلات اليومية التي تقابلهما، على سبيل المثال من عليه الاعتذار الزوج أم الزوجة؟، لنجد أنّ المشاركة والمبادرة من كلا الطرفين هي الحل، وهو ما علق عليه الدكتور هشام رامي أستاذ الطب النفسي في جامعة عين شمس، بأنّ واحدًا من أفضل ردود الأفعال الناضجة للتعرض للصدمات والألم النفسي، هو محاولة ألا يحدث هذا لشخص آخر، ونشر التوعية بالتجربة التي مر بها الأشخاص، ومحاولة منع الأذى عن الآخرين، فهو ما يفيد الآخرين، ويحاول الشخص بدلًا من العيش في صدمة، أنّ يحولها لتجربة ودرس: «دي حاجه جميلة من الناحية النفسية».
بجانب محتوى التوعوي الأسري، فهما يقدمان فيديوهات كوميدية أيضًا، بعدما بدآ بسلسلة الفيديوهات التوعوية، لأنهما لم يجدا أزواج يفعلون هذا الأمر، وبدأ الجمهور يتفاعل مع تلك الفيديوهات، إذ يعرضان المشكلات الزوجية مع الحفاظ على الخصوصية لزيادة التفاهم بين الأزواج، وأوضح أستاذ الطب النفسي، فكرة انجذاب الجمهور للفيديوهات الكوميدية، بأنه كلما تثار الرسالة الموجهة للآخرين بنوع من المرح والدعابة، فإن الجهاز العصبي يستقبلها بشكل أفضل، خاصة الأشياء التي لها علاقة بالسعادة، مثل تعليم الأطفال بالأغاني: «الموضوع لما بيتحول لجدي، بيحصل رفض لكن الدعابة بتثبت في الذاكرة وبيتقبلها العقل بشكل أفضل».
الغاية من نشر تلك الفيديوهات هو تقليل نسب الطلاق، وسوء التفاهم الذي كثيرا ما يحدث بين الأزواج ويؤدي للانفصال، وأصبح هذا الأمر منتشرا في الوطن العربي، وأدى إلى أنّ تتربى «جيدا» في بيت جدها وجدتها، لأن والدها كان منشغلًا في معمله الموجود في بيت بعيد عن جدتها، ووالدتها تعيش في تركيا، وتعاني من أنها لا تستطيع رؤيتها في الوقت الحالي، وما تصنعه مع زوجها، يدفعها دائمًا للأمام خاصة مع التعليقات التي تتميز بأن معظمها إيجابية.