علاقات و مجتمع
ضربت المرأة المصرية أروع الأمثلة فى المشاركة السياسية وكانت الصوت الفاعل والأعلى، وأحياناً الوحيد، خلال السنوات الماضية فى كل الفعاليات والأحداث السياسية المهمة واستطاعت على مدار سنوات أن تكتسب الحق الشرعى بطريقة استثنائية، فأصبحت هى الأولى عربياً التى لها حق الانتخاب، وأسّست أول حزب سياسى نسائى، ففى الوقت الذى كانت فيه بعض الدول تخطو خطواتها الأولى سياسياً، حصلت السيدة المصرية على حق التصويت لاختيار رئيس الجمهورية فى دستور 1956، ومنذ حصولها على هذا الحق، أضحت هى الداعم الأول والأهم، وتحرك بوصلة الأحداث وأصبحت أصوات النساء تزيد بشدة، تحديداً فى الانتخابات الرئاسية، لتُسجل المشاركة الأعلى.
كانت السيطرة الذكورية على مجريات الأحداث حاضرة بقوة، وكان من حق المرأة المصرية التمتُّع بجزء من المشاركة السياسية، وفى هذا التوقيت كان نضال المرأة الإنجليزية والبلجيكية والروسية قوياً، ولم تكن المصرية بعيدة عنهن، حيث كانت حاضرة فى قلب الحدث العالمى، وطالب الاتحاد النسائى المصرى بإشراك النساء فى العملية الانتخابية، وضرورة أن يكون لهن صوت جنباً إلى جنب مع الذكور، ومنحهن كل الحقوق، وظل الكفاح قائماً، حتى حصلن لأول مرة على حقوقهن السياسية كاملة.
«الجعارة»: كتلة تصويتية كبيرة حاضرة فى قلب الحدث
وقالت سحر الجعارة، الكاتبة والناشطة فى مجال المرأة، إن مصر تتميز عن باقى الدول العربية بأنها أول دولة استطاعت عمل حكم مدنى، وأصبح لديها وزيرات، أولهن حكمت أبوزيد، أول وزيرة مصرية عربية تقلّدت منصب وزيرة الشئون الاجتماعية فى 25 سبتمبر 1962، وقبلها بدأت عملية تحرير المرأة من خلال هدى شعراوى، فى ثورة 1919، مشيرة إلى أن المرأة المصرية تحارب القوى الرجعية، وكل صوت يحاول إسكاتها، وبدأ العمل من جيهان السادات، فهى أول من بدأ إصلاحات فى قانون الأحوال الشخصية، وورثت سوزان مبارك هذا العمل، فأصبح فى مصر دعم للحركة النسوية فى كثير من قوانين المرأة.
وأضافت لـ«الوطن» أن البعض حاول بعد ثورة يناير 2011، أن يهيل التراب على المرأة، ويطردها من الحياة السياسية مع تغيير الدستور، لولا تدخل المجلس القومى للمرأة، والكتاب والنشطاء فى مجال المرأة، للوقوف فى وجوههم.
وتابعت: «نشهد اليوم عودة للمرأة بقوة ودخولها مجال القضاة مع وجود وزيرات، ووجود المرأة فى مناصب قيادية، وترسيخ مبدأ العدالة وتمكين المرأة الذى يُعتبر قضية جوهرية تمكنها من صُنع القرار فى مراكز سياسية، مما يجعل مصر تقترب من مؤشر تمكين المرأة العالمى الموجود فى دول العالم الأول، ومع ثورة 30 يونيو حدث وعى شديد، وأصبحت النساء كتلة تصويتية كبيرة، وهن الأكثر إقبالاً على الاستفتاء والدستور والانتخابات الرئاسية».
وأوضحت «الجعارة» أن المشاركة السياسية تعتبر ترجمة لجهود كبيرة للدولة والقيادة السياسية، فقد أصبح للنساء كوتة فى المجالس الانتخابية، وزاد تمثيلها، لـو استطاعت القيادة السياسية عمل الكثير من الترشيحات للمرأة فى مختلف نواحى الحياة، ولا توجد قوانين تمنع المرأة من أن تكون قيادة سياسية، وبسلاسة كبيرة استطاعت المرأة أن تكون فاعلة فى السياسة، بداية من النزول فى الشوارع رفضاً للاحتلال، وحتى ثورتها فى 30 يونيو، فقد امتلأت الشوارع بالسيدات اللاتى لم يخشين أحداً، ولم يطالبن إلا بحقوقهن، وأصبحت الطوابير الممتلئة، سواء للتعديلات الدستورية، أو للتفويض وحتى الانتخابات الرئاسية مليئة بالسيدات، ويعتبر صوتهن هو الأكثر تأثيراً وفاعلية.
«البدوى»: المرأة أكبر داعم للتحولات الديمقراطية
وقال محمود البدوى، الخبير القانونى، إن مصر شهدت تحولاً مهماً جداً، لأنه بعد عام السواد، أو عام الإخوان، وجدت المرأة دورها الكبير، بعد التغيير الديمقراطى، حينما انتفض الشعب للحفاظ على الهوية المصرية الخالصة، ضد الفاشية التى قام بها الفصيل الإخوانى، ووجد الشعب المرأة مشاركة فى كل الاستحقاقات، مضيفاً أن المرأة كانت أكبر داعم لهذه التحولات الديمقراطية، وأكبر محرك داخل الأسرة وحاربت عزوف الشباب والرجال عن المشاركة فى الاستحقاقات الدستورية، من منطلق «صوتى مش هيفرق».
وأكد «البدوى» أن حصول المرأة على حقوقها السياسية والاقتصادية وفى كل مناحى الحياة أصبح واقعاً ملموساً، وتشارك فى الانتخابات الرئاسية 2024، بشكل إيجابى وفاعل يؤكد مبدأ المساواة المقر فى الدستور، وهى ضد فكرة التهميش الموجودة فى بعض الدول، وهو ما يؤكد عظمة الدولة المصرية التى تعطى لكل الأفراد حقوقهم، وكل الأفراد متساوون فى الحقوق والحريات حسب المادة 53 من الدستور.