علاقات و مجتمع
الحديث عن معايير اختيار الزوجة الصالحة، والأم المُربية، وتربية الأولاد، كانت أهم ما جاء على لسان إمام الحرم المكي، الشيخ ماهر المعيقلي، اليوم، في خطبة صلاة الجمعة، قبل أن يتعرض لوعكة صحية أمام المصلين، إذ لم يستطع إكمال الصلاة أو حتى قراءة سورة الفاتحة في الركعة الأولى، ليتقدم السديس ويؤم المصلين.
وسيطرت حالة من الحزن على عدد كبير من نشطاء منصات التواصل الاجتماعي، خلال الساعات القليلة الماضية، بعد انتشار مقطع فيديو يوثق مع حدث للشيخ ماهر المعيقلي أمام المصليين، حيث ظهر يعاني من ألم وإعياء وإرهاق شديد في آخر الخطبة وأول الصلاة، وفقًا لـ«العربية السعودية».
آخر ما قاله ماهر المعيقلي قبل الوعكة الصحية
تحدث ماهر المعيقلي، خلال خطبة الجمعة اليوم، عن معايير بناء الأسرة والعائلة الصالحة، والتي تبدأ باختيار الزوجة بناء على عدة أسباب، وأُسس تربية الأبناء، فضلًا عن رسائله التحذيرية للأمهات، اللاتي اعتدن الدعاء على أطفالهن.
وأشار إمام الحرم المكي، قبل تعرضه للإعياء بدقائق، إلى نعمة دعاء الآبناء للآباء بعد الوفاة: «إنَّ بقاء المرء في الدنيا له أمد محدود، وأجل معدود، والعمر قصير، والانتقال إلى الدار الآخرة قريب، العمر قصير، وأن من الناس من يموت، فينقطع عمله وتطوى صحيفته، ومنهم من يبقى أثره ويدوم عمله، فيثقل ميزانه بما قدم من عمل، وبآثار تبقى له بعد انقطاع الأجل، مستندًا لقوله تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَءَاثَٰرَهُمْ ۚ وَكُلَّ شَىْءٍ أَحْصَيْنَٰهُ فيٓ إِمَامٍۢ مُّبِينٍۢ﴾»
رسالة ماهر المعيقلي إلى الأبناء
وجه ماهر المعيقلي، رسالة إلى الأبناء الصالحين، موضحا أنهم من الآثار التي لا ينقطع أجرها بانقطاع الأجل، فالولد الصالح من خيرة ما يدّخره المرء لنفسه، في دنياه وآخرته، فأولاد الرجل من كسبه، وعملهم الصالح من عمله، ففي صحيح مسلم: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاث: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ).
وأضاف «المعيقلي»، أن الولد الصالح زينة الدنيا وسرورها، وبهجتها وفرحتها، تحبه ويحبك، وتأنس به ويأنس بك، وتأمره فيبرّك، وإذا كبر سنك، ودق عظمك، عطف عليك، وأعانك على أمر دينك ودنياك، وكان خيرا لك في حياتك وبعد مماتك، وفي مسند الإمام أحمد: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَرْفَعُ الدَّرَجَةَ لِلْعَبْدِ الصَّالِحِ فِي الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، أَنَّى لِي هَذِهِ؟ فَيَقُولُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ).
معايير اختيار الزوجة الصالحة
ولم يهمل ماهر المعيقلي، في خطبته معايير اختيار الزوجة الصالحة، مؤكدًا أنها بداية التربية الصالحة للأولاد: «فالمرأة تنكح لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك».
أسس تربية الأولاد
أشار إمام الحرم المكي، إلى في حديثه للآباء والأمهات، إلى أسس التربية للأولاد، قائلا: «إن صلاح الأبناء والبنات، يكون بغرس التوحيد في قلوبهم، ومحبة الله، والخوف منه، ورجاء رحمته، وتعليمهم بأن الصلوات الخمس، من أعظم أسباب صلاح النفس، فالصلاة عماد الدين، وسبب مرضاة رب العالمين، يجب على الوالدين، العناية بشأنها، وحث الأبناء عليها، وهم أبناء سبع سنين، والسؤال عن أدائها، وتعليمهم أحكامها، لتتعلق بها قلوبهم، وتعتاد عليها نفوسهم، فيحافظوا عليها طيلة حياتهم».
وشدد المعيقلي، على أن الإحسان إلى الصغار، ومراعاة مشاعرهم، والصدق في التعامل معهم، من أسباب صلاحهم، ومما كان يأمر به النبي صلى الله عليه وسلم، ففي سنن أبي داود: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: دَعَتْنِي أُمِّي يَوْمًا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدٌ فِي بَيْتِنَا، فَقَالَتْ: هَا تَعَالَ أُعْطِيكَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَمَا أَرَدْتِ أَنْ تُعْطِيهِ؟)، قَالَتْ: أُعْطِيهِ تَمْرًا، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَمَا إِنَّكِ لَوْ لَمْ تُعْطِهِ شَيْئًا كُتِبَتْ عَلَيْكِ كِذْبَةٌ).
رسالة عاجلة للأمهات
حذر ماهر المعيقلي، في رسالة عاجلة للأمهات، اللاتي اعتدن الدعاء على أولادهن، من تلك العادة، حتى لو أغضبوهم، مطالبا إياهم بأن يدعون لهم بالصلاح والاستقامة، ويسألون الله لهم الرشد والهداية، ففي صحيح مسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ، لَا تُوَافِقُوا مِنَ اللهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ، فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ)، فكم من دعوة خرجت من أب أو أمٍّ، على أحد أبنائهم، فوافقت ساعة إجابة؛ فلربما كانت سببًا في فساده وهلاكه، نعوذ بالله من مقته وغضبه، مستشهدا بقوله تعالى ﴿رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً﴾، والأسرة هي أساس بناء المجتمع وهي اللبنة الأولى في كيانه.