يرفع العباد يوميا دعواتهم إلى السماء، بكل ما يجول في خاطرهم ويرجون تحقيقه من الله سبحانه وتعالى، إذ تتنوع الدعوات حسب رغبة كل شخص، بين الشفاء للمرضى، والرحمة والمغفرة للموتى، وسعة الرزق، والذرية الصالحة، وغيرها من الأمنيات المُعلقة بقلوب كثيرين، إذ يحرص البعض، بعد أن يفرغ من الدعاء، سواء بعد الصلاة أو في أي وقت على مدار اليوم، أن يمسح وجهه بكلتا يديه.
حكم مسح الوجه باليدين عقب الدعاء
مسح الوجه باليدين عقب الدعاء، أكدت دار الإفتاء عبر موقعها الإلكتروني، أنّه مستحَبٌّ باتفاق الفقهاء، إذا كان خارج الصلاة، وأما في داخل الصلاة عقب الفراغ من القنوت، فقد أجازه الشافعية في وجهٍ، والحنابلة في المعتمد من مذهبهم.
وأضافت دار الإفتاء، أنّه من آداب الدعاء أن يرفع العبد يديه إلى السماء أثناءه، وهو ثابت مشروع؛ لما فيه من التَّضرُّع والابتهال إلى الله تعالى، مستشهدة بما رواه الإمام مسلم في (صحيحه) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ [المؤمنون: 51]، وقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ [البقرة: 172]، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِىَ بِالْحَرَامِ؛ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟».
واتَّفق جمهور الفقهاء من الحنفية في الأصح، والمالكية، والشافعية، والحنابلة: على جواز مسح الداعي وجهه بيديه بعد الفراغ من الدعاء خارج الصلاة، والدليل على ذلك: ما روي عن عمر رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا مَدَّ يديه في الدعاء لم يَردَّهُما حتى يَمْسَح بهما وجهه».
مسح الوجه باليدين في أثناء الصلاة
أمَّا في أثناء الصلاة فقد أجاز بعض الشافعية مسح الوجه باليدين عقب الدعاء في وجه، فقال به: القاضي أبو الطيب، والشيخ أبو محمد الجويني، وابن الصباغ، والمتولي، والشيخ نصر في كتبه، والغزالي، والعمراني، والحنابلة في الرواية المعتمدة من المذهب.
قال الإمام النووي في (المجموع) (3/ 500): [وأما مسح الوجه باليدين بعد الفراغ من الدعاء، فإن قلنا لا يرفع اليدين لم يشرع المسح بلا خلاف، وإن قلنا يرفع فوجهان: (أشهرهما): أنه يستحب، وممَّن قطع به القاضي أبو الطيب والشيخ أبو محمد الجويني وابن الصباغ والمتولي والشيخ نصر في كتبه والغزالي وصاحب البيان] اهـ.