بشرته السمراء التي اكتسبت لونها من حرارة الأراضي الزراعية، وملامح وجهه البشوش حفظها الصغار وأسرت قلوبهم، فشاركوه خيالاتهم صغارًا وطموحاتهم وأفراحهم شبابًا، الرجل القبطي الذي ملأ الشيب رأسه، بات جارا ودودًا لمئات الأسر من المسلمين في قريته، وصديقًا وفيًا لأطفال في عمر أبناء يتجسد فيه قول الرسول: «أقوامٌ أفئدتهم كأفئدة الطير».
اشتهر الرجل القبطي «ميلاد حنا» بين أطفال قرية «النهضة» بمنطقة العامرية في محافظة الإسكندرية، بتوزيع الألعاب والحلوى على باب المسجد في كل عيد ليشاركهم فرحتهم، أحبه الجميع وامتدت أواصر علاقته بهم حتى بعد أن صاروا شبابا في عمر أبناءه، يطبق وصية والده له بالأثر الطيب وحسن المعاملة للجميع، لا فرق عنده بين مسلم وقبطي، عهده الجميع جيرانًا وأصدقاءً بوجهه البشوش ولين المعاملة.
شنطة حلوى وألعاب على باب المسجد
مع موعد صلاة عيد الفطر، خرج «ميلاد» من بيته حاملا شنطة كبيرة ممتلئة بالحلوى والبلالين والألعاب الصغيرة ويقف على باب مسجد قريته في استقبال الأطفال القادمين للصلاة بصحبة أهاليهم: «بنزل كل عيد على باب المسجد ومعايا شنطة كبيرة فيها أكياس كتير في كل كيس فيه لعبة صغيرة وحلويات وبالونة لكل طفل عشان أعيد عليهم وأفرحهم»، يقول الرجل السكندري في حديثه لـ«الوطن» عن عادته التي اعتاد عليها منذ نحو 10سنوات في عيدي الفطر والأضحى.
توحيد أبناء القرية
في كل مرة يجد الرجل الأربعيني متعة كبيرة في رؤية ضحكة الأطفال بعد الحصول على الحلوى والألعاب، يسعى لغرس روح المحبة بين الأجيال الصغيرة وعدم التفرقة بين الديانات: «بحببهم في بعض عشان لما يكبروا مفيش حد يقدر يوقع بينا ويبقوا فاهمين إن كلنا واحد وأعيادنا واحدة»، بحسب قول ميلاد حنا الذي نجح في أن يصبح جزءُا من احتفالات العيد بالقرية رغم اختلاف الديانة.
كان الرجل القبطي، أيضا، يحرص على توزيع المياه والعصير على الطريق في نهار رمضان قبل أذان المغرب حبا في أهل قريته، لافتًا إلى أنه أيضا يتلقى معايدات ويستقبل الزيارات المنزلية والمباركات الهاتفية في أعيادهم.