مواقف كثيرة في 2022، اتسمت بأمانة وشهامة المصريين، إذ عثر بعض الأفراد على مقتنيات ثمينة تنوعت بين الأموال والذهب والأجهزة الحديثة، وأصروا على إعادتها إلى أصحابها رافضين الحصول على أي مقابل مادي.
موظفة تُعيد شيك بمليون جنيه إلى صاحبه
سطرت الفتاة الثلاثينية عبير علي، قصة غالية في الأمانة والنزاهة عندما عثرت في أثناء عملها بـ نادي سموحة الرياضي بمحافظة الإسكندرية على شيك بمبلغ مليون جنيه، عليه عبارة «يُصرف لحامله» وأسرعت لإعادته إلى صاحبه دون تردد أو تفكير في ضيق حالها كأم منفصلة عن زوجها، وتعول ابنتين من خلال عملها ضمن أفراد العمالة بالنادي.
وروت «عبير» خلال حديثها لـ«الوطن» قصة عثورها على الشيك، موضحة أنها خلال عملها في نادي سموحة الرياضي بمحافظة الإسكندرية، يوم الجمعة الموافق 28 أكتوبر الماضي، وجدت شيكًا بمبلغ مليون جنيه، عليه عبارة «يُصرف لحامله»، ولأنها تحرص دائمًا على ألا يدخل بيتها مالٌ حرام، أمسكت بالشيك وظلت في مكانها على أمل أن يعود صاحبه ليستلمه، إلا أن انتظارها طال دون أن يأتي أحد، فهمت بالإتصال بمديرها في العمل تخبره بالأمر.
«كلمت الأستاذ شاكر رئيسي في الشغل وقالي هاتي الشيك وتعاليلي عند المكتب».. قالتها الفتاة الثلاثينية، موضحة أن إدارة النادي تواصلت مع صاحب الشيك وجرى تسليمه له، وجرى تكريمها أيضًا ومنحها شهادة تقدير اعترفًا بأمانتها ونزاهتها.
مُترجم يُعيد 14 مليون جنيه بعد تحويلها إلى حسابه البنكي بالخطأ
ومن المواقف التي برهنت على أمانة المصريين بشدة أيضًا ما فعله الشاب أحمد جاد الرب، الذي يعمل مترجمًا بعدد من مكاتب الترجمة العالمية كونه يجيد اللغتين الإنجليزية والهولندية؛ إذ حوَّلت شركة بلجيكية مبلغ 14 مليون جنيه بالخطأ على حسابه البنكي، ولم يكن منه إلا التواصل مع الشركة وإعادة المبلغ كاملًا إليها.
روى «جاد الرب» تفاصيل ما حدث في مداخلة هاتفية له ببرنامج «الحياة اليوم» الذي يقدمه الإعلامي محمد مصطفى شردي والمذاع على فضائية «الحياة»، موضحًا أنه كان يعمل مرشدًا سياحيًا ومترجمًا للغتين الإنجليزية والهولندية، ولكن وبعدما توقفت حركة السياحة بشكل كبير في مصر بسبب جائحة «كورونا»، اضطر للعمل مترجمًا بعدد من مكاتب الترجمة العالمية، مضيفًا أنه في عمله مع أحد مكاتب الترجمة في بلجيكا اعتاد على إنهاء حساباته المالية معهم من خلال إرسال فاتورة بها رقم مرجعي مسلسل، ورقم آخر لما يستحقه من أتعاب نتيجة عمله معهم، إلا أنه وفي إحدى المرات بعدما أرسل رسالة بمبلغ الفاتورة فوجئ بتحويل الرقم المرجعي له عبر حسابه وهو 14 مليون جنيه.
وبعد اكتشاف الخطأ أسرعت الشركة بإرسال عدة إميلات رسمية له تطلب منه إعادة المبلغ الذي أُرسل بالخطأ إلى حسابه، ولم يكن منه إلا الرد على هذه الإميلات والتأكيد على بذل ما في وسعه لإعادة المبلغ، وبالفعل أسرع بالتواصل مع البنك وأنهى كافة الإجراءات اللازمة حتى جرى تحويل المبلغ كاملًا من حسابه إلى حساب الشركة مرة أخرى.
عامل «دليفري» يُعيد مبلغ بقيمة 18 ألف جنيه إلى صاحبه
وكان لابن محافظة الجيزة محمد الجندي، صاحب الـ32 عامًا، موقفًا آخر في الأمانة يشهد على عفته وتنزهه عن الحرام؛ إذ أنه يعمل «دليفري» في أحد مطاعم منطقة المهندسين، وفي إحدى المرات عثر في الشارع على مبلغ 18 ألف جنيه ولم يتردد في إعادته إلى صاحبه رافضًا الحصول على أي مكافأة مادية له مقابل هذه الأمانة.
وتواصلت «الوطن» مع محمد عبدالرزاق، الشهير بحمد الجندي، ابن حي بولاق الدكرور بمحافظة الجيزة، ويعمل «دليفري» الذي روى تفاصيل ما حدث، موضحًا أنه خلال تواجده بالصدفة أمام مطعم بمنطقة المهندسين لاحظ وجود شنطة بلاستيكية بيضاء، وعندما تفحصها من باب الفضول وجد أنها تحوي مبلغًا من المال، فذهب إلى إحدى المكتبات وطبع ورقتين عليهما جملة تعبر عن عثوره على مبلغ مالي كبير وبجوارها رقمه للتواصل.
«من باب الصدفة كانت الفلوس دي تبع واحد شغال ديليفري برضو وشغال في المطعم اللي كنت واقف قدامه لما لقيت الفلوس».. قالها «محمد»، مضيفًا أن مدير هذا المطعم أتى للتحدث معه وأخبره بأن هذا المبلغ ملك لزميل لهم يُسمى عبدالله سيد، وأنه بعد التواصل مع هذا الشخص والتأكد من ملكيته للمبلغ أعاده له كاملًا رافضًا الحصول على أي مقابل مادي.
سائق «أوبر» يُعيد هاتف «آيفون» إلى صاحبه
ومن أغرب القصص التي سطرها المصريون في الأمانة والإصرار على إعادة المقتنيات إلى أصحابها، ما فعله الشاب العشريني محمود صبحي، ابن محافظة القاهرة، ويعمل سائق «أوبر»؛ إذ أنه وبعد يوم شاق وطويل في العمل وأثناء عودته إلى أسرته تفاجئ بأن أحد الزبائن ترك هاتفه الـ«آيفون» في السيارة، وراح يبذل محاولات عديدة من خلال البحث عنه في الشوارع وعلى مواقع التواصل الاجتماعي حتى تمكن من الوصول إليه وتسليمه الهاتف.
وروى «محمود»، صاحب الـ26 عامًا، من أبناء مدينة نصر بمحافظة القاهرة، تخرج في كلية التجارة جامعة عين شمس، ويعمل سائق «أوبر»، خلال حديثه لـ«الوطن» قصة عثوره على الهاتف، موضحًا أنه خلال عودته لأسرته في وقت متأخر من الليل بعد يوم طويل وشاق في العمل تلقى إتصالًا من حسن دسوقي «صاحب الموبايل» يخبره أنه يرغب في الذهاب إلى موقف العاشر من رمضان ولا يجد أي وسيلة من حوله، ليُقرر «محمود» الذهاب إليه وتوصيله إلى وجهته رغم تأخر الوقت، إلا أنه تفاجئ بعد توصيله بأنه نسيَّ هاتفه الـ«آيفون» في السيارة.
«من خلال كلامنا وأنا بوصله عرفت أنه رايح يركب عربيات الزقازيق فرحت موقف العاشر وخدت رقم السواق اللي طلع على الزقازيق وسألته لو حد راكب معاه اسمه حسن دسوقي فقالي لأ، والمشكلة أن الموبايل بتاع الراجل كان فاصل شحن يعني مش هيعرف يرن عليه»، وفقًا لـ«محمود»، وأنه اضطر بعدها للعودة إلى المنزل ليضع الهاتف على الشاحن على أمل أن يتلقى إتصالًا وعندما خاب أمله، راح يبحث باسم «حسن دسوقي» على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» حتى عثر أخيرًا على حسابه الإلكتروني.
«أنا عارف أنه مش معاه موبايل ومش هيعرف يفتح فيسبوك فكتبت في الكومنتات عنده وطلبت من أصحابه يتواصلوا معايا»، بحسب سائق الـ«أوبر»، وأنه بالفعل من خلال التواصل معهم تمكن من الوصول إلى صاحب الموبايل وراح يسلمه له، رافضًا حتى كلمات الشكر الزائدة.
صاحب محل يُعيد حقيبة جلدية تحوي نصف كيلو ذهب
وزاد في كتاب الأمانة فصلًا للرجل الأربعيني سيد علي، صاحب محل ملابس حريمي بشارع عباس العقاد، بعدما عثر خلال تواجده في المحل على حقيبة جلدية صغيرة نسيتها سيدة سودانية تحوي داخلها قرابة نصف كيلو ذهب وبعض العملات السودانية، فلم يكن منه سوى حفظ الأمانة لديه حتى عادت صاحبتها تسأل عنها بعينين يتملكهما الخوف، فطمأنها وسلمها الحقيبة وكل ما بها.
روى «سيد»، ابن الـ40 عامًا، لـ«الوطن»، تفاصيل ما حدث، موضحًا أنه في إحدى المرات عند ذهابه إلى المحل تفاجئ بوجود حقيبة جلدية صغيرة على أحد الأرفف، وعندما استفسر عنها من العاملة التي معه في المحل.
واتضح أن سيدة سودانية دخلت تلقي نظرة على الملابس وفي النهاية خرجت تاركة حقيبتها في غفلة شديدة منها، وأنه عند فتح الحقيبة عثر داخلها على ما يقرب من نصف كيلو ذهب وبعض العملات السودانية: «خفت طبعًا لأن دي مسؤولية وقلت لو صاحبتها مجاتش تسأل عليها هروح أعمل محضر».
ظلت الحقيبة آمنة في المحل مُغلقة على مقتنياتها الثمينة لعدة ساعات حتى أتت السيدة السودانية ومعها ابنها وراحت تسأل بقلب مرتجف وأعين راجية إذا كان أصحاب المحل عثروا على حقيبة جلدية صغيرة: «كانت خايفة جدًا فطمنتها وقلتلها متخافيش يا ست حاجتك كلها موجودة»، وفقًا لـ«سيد»، وأنه قدم لها الحقيبة وما تحويه من ذهب وأموال، ليشكراه بشدة وحرارة، ويتبين له بعد ذلك بأن هذه المقتنيات الثمينة ستذهب لعلاج ابن السيدة السودانية الواقف بجوارها ومصاب بمرض السرطان.