بعد رحلة تدريس استمرت أكثر من 20 سنة، ومازال عطاؤه مستمرًا، لم يقتنع «محمد» بالمكوث على هذا الحال، ومرور هذه الأيام التي تشبه بعضها بعضًا، ففكر في تقديم شيء يخدم به مجتمعه ومن حوله من الأميين وذوي الهمم.
محمد نور 40 سنة، يعمل معلمًا بإحدى المدارس في القاهرة، بدأ مشروعًا جديدًا منذ فترة يهدف من خلاله إلى تعليم أكبر قدر ممكن ممن حوله من أهالي منطقته، وخاصة الأميين منهم وذوي الإعاقة، فدشن مبادرة لمحو الأمية، وتعلم لغة «برايل» للمكفوفين.
«محمد» لخص 16 كتابًا للمكفوفين ومحى 21 أميًا
اطلق ابن محافظة القاهرة، مشروعًا في منطقته استطاع من خلاله أن يمحو أمية 21 شخصًا، في بلده، ثم بعد ذلك سعى لأن يتعلم اللغة الخاصة للمكفوفين والتي يستطيعون من خلالها قراءة الكتب بعد تحويلها إلى تلك اللغة والمعروفة بلغة «برايل» حسب ما روى لـ«الوطن»: «اتعلمت لغة برايل وقدرت ألخص بيها 16 كتابًا، وأدعو جميع من أعرفهم للمشاركة معي في تلخيص الكتب بطريقة برايل لأن مفيش أي كتاب خارجي للطلاب».
جهود كبيرة بذلها المعلم الأربعيني، إذ حصل بسبب جهوده المتعددة في الأنشطة الخدمية على عدة جوائز: «حصلت على جائزة المعلم المثقف المركز الرابع على مستوى محافظة القاهرة، وحصلت على شهادة تقدير من مستشار مادة الدراسات الاجتماعية في المدرسة، وخطاب شكر من الإدارة».
«محمد» يبحث عن تلامذته القدامى
بعد كل هذه الأعوام التي قضاها في التعليم، تذكر منذ عدة أيام مجموعة من تلاميذه القدامى، الذين بدأ معهم أولى تجاربه في التدريس، فقرر البحث عنهم؛ ليكتب على صورة نشرها في إحدى المجموعات الكبرى على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» قائلًا: «دول أول دفعة درست لهم دراسات اجتماعية وكانوا في سنة أولى إعدادي.. في منطقة عين شمس في محافظة القاهرة من تقريبا عشرين سنة.. عاوز بس اطمن على طلابي وكمان لو حد فاكرني فيهم،، الصورة دي كانت في رحلة للملاهي من تقريبا 20 سنة».
بعد نشر الصورة بعدة أيام، تمكن من العثور على 3 من تلاميذه القدامى فكتب قائلًا: «بفضل الله ثم بفضل هذا الجروب المتميز قدرت أوصل لـ3 من طلابي بعد مرور 20 عاما على الصورة، الأول اسمه علي وتخرج من كمبيوتر ساينس ويعمل في مطار القاهرة، والثاني محمد أحمد عابدين ويعمل محاسب في البنك الأهلي المصري».
وعن الدافع لفعل ذلك علق قائلًا: «كنت عاوز اعرف طلابي أصبحوا ايه بعد 20 سنة لأن دي أول دفعة درستلها، طلع إن فيه وفاء غير عادى من طلبة كتير درستلهم»، وبجانب بحثه عن هؤلاء التلاميذ بحث أيضًا عن أصدقائه في المرحلة الابتدائية.