صعوبات عديدة يواجهها «محمد» في التعلم منذ نعومة أظافره، نتيجة ولادته بمرض «الألبينو»، وتأثيره على قوة البصر والذاكرة، غير أن دعم كبير من عائلته مكنه من حجز مقعده بصفوف المتفوقين بمراحله التعليمية المختلفة، «دي إرادة ربنا وأنا راضي، بس بيبقى عندي صعوبة في أني أشوف الكلمات بالخط اللي بيكون في ورقة أسئلة الامتحان، ومش بشوف خصوصًا أسئلة الاختيار مما بين القوسين، وممكن أنسى أجاوب على أسئلة عارف إجابتها، والتحقت بنظام الدمج في ثانوي، عشان يكبروا الخط بالامتحان».
تجاوز الصعوبات بمرونة تبديل الأحلام
صعوبة رؤيته وتذكره للأرقام بسبب مرضه، حالت دون دراسة محمد عبد الهادي بالشعبة العلمية للالتحاق بكلية الطب، التي كان يحلم بها منذ طفولته، ليختار الشعبة الأدبية للالتحاق بكلية الألسن، كما اقتصرت هواياته على ممارسة السباحة وبعض الألعاب بصالات الرياضة، لصعوبة ممارسة هوايات متعلقة بالإبصار، كالقراءة والرسم: «كان في صعوبة أني أخد دروس بمجموعات كبيرة، لأني مش بشوف من على السبورة، ولازم اللي يشرح لي يكون على ورقة جنبي، وده كان صعب بالمواد العلمية اللي فيها أرقام ومحتاجة مذاكرة قوية».
معرفة النتيجة بالمسجد بعد صلاة الفجر
بنظارة معتمة لتجنب الضوء نهارًا، وبشعر يكسوه البياض، أدى محمد امتحانات الثانوية العامة هذا العام: «ذاكرت كويس وكنت مقرب من ربنا»، وفقًا لحديثه لـ«الوطن»، وعن لحظة ظهور نتيجته بالثانوية العامة، يروي والده عبد الهادي عبد الباقي: «أنه كان خارج المنزل بالعمل وقام بالاتصال بالمنزل هاتفيًا، ولم يتلق أي إجابة، فتوقع أن يكون نجله في صلاة الفجر بالمسجد، فسارع بمهاتفة ابن أخيهـ وطالبه بالذهاب لنجله بالمسجد لاخباره بحصوله على 90.2% بالثانوية العامة».
والدة محمد: أخدته في حضني وبكيت
علت أصوات الزغاريد ونحيب البكاء الممزوج بمشاعر السعادة العارمة، منزل الأسرة بعد عودة محمد، من صلاة الفجر ومعرفتهم بالنتيجة، إذ تروي والدته مريم أحمد إبراهيم معلمة لـ«الوطن»: «أخدته في حضني وأنا بعيط وبقيت أبوسه من راسه، وأقوله أنت حبيبي، مكنتش قادرة أتكلم، مفيش غير دموع الفرحة، أنه رفع راسي وعوض صبري، وحققلي كل حاجة حلوة بتمناها له».