المعتمرون في الحرم المكي
يرتدون زيًا محددًا تعرفهم من بين مئات الآلاف من المعتمرين، يقفون في نحو 22 نقطة تطوع داخل الحرم المكي، هدفهم خدمة ضيوف الرحمن من معتمرين ومصلين داخل المسجد الحرام، يبتسمون لمن يمر بجانبهم، يخففون من آلام كبار السن، يحتضنون الأطفال كأنهم آبائهم أو إخوانهم، هم متطوعو الدفاع المدني بالسعودية، الذين جاؤوا من كل مكان في المملكة، ليؤدون دورا إنسانيا تطوعيا في رسالة مهمة للبشرية بأن العطاء لا ينته.
سعادة غامرة انتابت خلود محمد حسن، الشابة العشرينية، حينما أبلغتها إدارة الدفاع المدني بالسعودية، بقبولها في التطوع لخدمة ضيوف الرحمن، وفق حديثها لـ«الوطن»: «قدمت على التطوع عبر المنصة الوطنية للتطوع، كان هدفي حينها خدمة ضيوف الرحمن في الحرم المكي، منذ 7 سنوات أتطوع لخدمة مرتادي المسجد الحرام».
يوم خلود يبدأ بالتنظيم والإشراف وينتهي بالتنسيق والإعلام
دور كبير تقوم به المتطوعة خلود، يبدأ بعملية التنظيم والإشراف وينتهي بالتنسيق والإعلام وفقا لها: «أعمل كمساندة بشرية ومشرفة لخبرتي في التطوع، كما أسند إلي مهمة التوثيق والإعلام مع فريق الإنقاذ، وأشعر بسعادة كبيرة حين أقضي ساعات طويلة في خدمة مرتادي المسجد الحرام».
نحو 5 لغات تتحدثها المتطوعة خلود، تسطيع من خلالها التواصل مع كل من حولها في الحرم المكي، تساعد المعتمرين وتوجههم، وتتواصل مع باقي فرق الإنقاذ والطواقم الطبية، حال احتياج المعتمرين لذلك: «رغم أن مهمتي هي التنظيم والإشراف والتوثيق إلا أنني أساعد المعتمرين من خلال التوجيه والإرشاد، فضلا عن التواصل مع الطواقم الطبية حال احتياج ضيوف بيت الله للخدمات الطبية».
تروي خلود تجربتها مع أول يوم تطوع منذ نحو 7 سنوات قائلة: «أول يوم تطوع ليا كان الأسعد في حياتي، شعرت بأنني عملت إنجاز، شعور رائع لما تحس أنك بتسيب أثر في مجتمعك وخاصة ضيوف بيت الله الحرام، دعوة المعتمرين وابتسامتهم تكفينا، وخدمتهم شرف لينا».
أكثر من 8 ساعات تقضيها المتطوعة خلود داخل الحرم المكي لخدمة ضيوفه، تشعر خلالها بأنها في بيتها ومع أسرتها، وفقا لها: «بقضي أكتر من 8 ساعات في التطوع وهي مدة الدوام، لكن أحيانا بقعد أكتر، ولا أبغي من هذا العمل سوى التجارة مع الله وخدمة ضيوف الرحمن».
نحو 1100 متطوع بالإدارة العامة لخدمات الدفاع المدني السعودي يخدمون ضيوف الرحمن، وفق بيان رسمي للإدارة ينتشرون في 22 نقطة داخل المسجد الحرام، يشرفون على عمليات الإجلاء والإنقاذ، فضلا عن الإرشاد والتوجيه للمعتمرين والمصلين، كما يتواصلون مع الطواقم الطبية لإنقاذ المرضى، ونقلهم إلى أماكن آمنة دون أي مقابل.
لم تكن خلود وحدها التي تقف عند باب رقم 5 بالحرم المكي، بل تجاورها زهراء حسين، إحدى المتطوعات، ترتدي سترتها المميزة توجه السيدات إلى مكان الخروج، فضلا عن طلب الخدمات الطبية لإحدى المسنات المريضات: «أعمل في العمل التطوعي منذ 12 عاما، أشعر بالراحة حينما أتلقى دعوة من سيدة مسنة أو مريضة حاولت إنقاذها، نتواصل مع بعضنا للتسهيل على رواد بيت الله الحرام، نحرص على أن يؤدون العمرة والصلاة في يسر وسلامة وأمان».
زهراء: مهمتي أن أجعل المعتمر يبتسم
ساعات طويلة تقضيها المتطوعة زهراء في خدمة ضيوف الرحمن، لا تكل ولا تمل من سماع شكواهم، والرد على استفساراتهم، وفقا لها: «مهمتي أن أجعل المعتمر يبتسم، أوجهه وأساعده على الخروج أو الوصول بسلام إلى مبتغاه، استفسر منه ايش يبغي وأساعده، أحيانًا أتجاوز وقت الدوام، واستكمل عملي بالحب والرضا باغية ابتسامة ودعوة من المعتمرين».
نحو 20 عاما قضاها المتطوع عبدالله جعدان، في خدمة ضيوف بيت الله، يتميز الرجل الخمسيني الذي يقف بالقرب من بوابة العمرة، بابتسامته لكل من يمر حوله، يساعد ذوي الهمم وكبار السن في الوصول إلى وجهتهم، كما يبلغ المختصين حال وجود أطفال تائهين من ذويهم، وفقا له: «أقوم بتوجيه وإرشاد المعتمرين لأماكن الدخول لأداء العمرة، فضلا عن فك الحشود وتخفيف الزحام، ونقل المصابين بالكراسي المتحركة إلى أقرب نقطة طبية».
لا يرجو الرجل الخمسيني من عمله الذي يقضي فيه ساعات طويلة سوى التجارة مع الله، وفقًا له: «أرى أثر عملي على صحتى وأولادي، وسعيد بالتطوع وتعلمت احترام الوقت وتكفيني دعوة طيبة وابتسامة معتمر قدمت له خدمة».
ووفق وزارة الحج والعمرة السعودية فإن نحو 19 مليونا و608 آلاف و537 معتمرا ومصليا زاروا المسجد الحرام طوال شهر رمضان الجاري، كما جرى توفير كافة الخدمات التي يحتاجها المعتمرين سواء المياه او الوجبات أو المعقمات، فضلا عن توفير الخدمات الطبية والتطوعية على مدار الساعة، إضافة إلى اعتماد أئمة المسجد الحرام طوال الشهر الكريم لإمامة المصلين في الصلوات الخمس وصلاتي التراويح والتهجد.
«دعوات المعتمرين الذين أقدم لهم الخدمات، كانت دافعا لاستمراري في العمل التطوعي بجانب الأكاديمي»، هكذا عبرت الدكتورة مي أحمد باقضوض، عضو هيئة التدريس بكلية التمريض بإحدى الجامعات السعودية ومتطوعة لخدمة ضيوف الرحمن، عن سعادتها، قائلة: «أقدم الخدمات الطبية العاجلة للمرضى لحين وصول الخدمات اللازمة، كما أقوم بتقديم إرشادات توعوية للمعتمرين في إطار التثقيف الصحي، أوعي المعتمرين بالإسعافات الأولية اللازمة، وكيفية إنقاذ المصابين بشكل عاجل».
خدمات كثيرة تقدمها الدكتورة مي، سواء في عمليات الإنقاذ أو الإجلاء، وفقا لها: «أعمل توعية للوقاية من الاختناق او بقدر الله الإنعاش الرئوي، وكيفية التصرف حال التعرض لأي أزمة صحية».