اختزال معيب لدور الأب فى الأسرة، بأنه فزاعة لعقاب الأبناء أو ماكينة أموال للوفاء بالالتزامات، على غير الحقيقة، فالأب هو مصدر الدعم والثقة والسند الأول والأهم للأبناء، وغيابه يضعف من قوام الأسرة، ويؤثر على بناء شخصية الأبناء بالسلب، فينمو الطفل بسلوك يتسم بالاستهتار أو بنظرة مشوهة للمجتمع أو لذاته، كونه يستمد صورته الذاتية من والده، وأكد خبراء علم نفس النمو المختص بدراسة دور الأبوين فى النمو النفسى للأبناء، أن شخصيتهم تتحدد بناء على علاقتهم بوالديهم، خاصة الأب، كونه يعد مركز الضبط بالمنزل.
يوسف: الأبن يكون ملتصق بالأب أكثر من الأم
وبحسب الدكتور وائل يوسف، أستاذ مساعد علم النفس بجامعة القاهرة، فإن التطور النفسى للابن يكون ملتصقاً بالأب بدرجة أكبر من الأم، إذ إن الأخيرة تلعب دور الاحتواء بامتصاصها للمواقف والسلوكيات والأفعال وتبريرها، ليأتى الدور المهم للأب فى ضبط هذه السلوكيات، موضحاً أنه إذا كان رد فعل الأب على بعضها عنيفاً، يكون سلوك الابن يتسم بالعنف، أما إذا كان الأب يعمل على احتواء ابنه وإرشاده وتوجيهه بالاعتماد على لغة التفاهم والحوار والصداقة، ينشأ الابن بتكوين نفسى صحيح وسليم دون اضطرابات.
وأكد «يوسف» أن تجاهل الأب لتصرفات الابن ومقابلة سلوكياته بلا مبالاة ينتج عنها تطور نفسى يتسم بالاستهتار بالأفعال تجاه نفسه والمجتمع، سواء داخل الأسرة أو المدرسة أو النادى، لافتاً إلى أن دور الأب بالأسرة نال اهتماماً كبيراً من علماء النفس الذين أصدروا العديد من الدراسات العملية التى تعتمد على تحليل دور الأب فى الأسرة وأهميته، وكذلك تأثير غيابه نظراً للسفر للعمل وتلبية احتياجات الأسرة الضرورية، أو لوفاته أو نتيجة تفكك الأسرة بسبب الانفصال.
الأب ليس ماكينة للحصول على الأموال
أما اقتصار نظرة أفراد الأسرة للأب على أنه ماكينة للحصول على الأموال، أو كما يقال «ATM»، ينمو الابن على أن وجوده يتعلق بالمادة والمال، فيبدأ فى التفكير لاستغلاله والحصول منه على أكبر قدر من المال، لتتحول العلاقة إلى نفعية بحتة، ولا تحمل أى مشاعر أو تعاطف، خاصة التعاطف مع الأب بأسوأ حالاته، بل على العكس يبدأ الابن فى انتقاد الأب فى كل أفعاله إذا لم يلب رغباته الأولية، بحسب ما أكد «يوسف».
علاقة مميزة بين الأب وابنته
علاقة الأب بابنته تختلف مع علاقته بالابن، وفقاً لـ«يوسف»، فالابنة تكون فى حالة احتياج دائمة للأب كونه يمثل لها مركز الأمان بحياتها، ولتتحول عملية ضبط السلوكيات إلى الأم، بالأسرة الطبيعية السوية، غير أن حصر الابنة لدور الأب فى الإنفاق عليها وتلبية احتياجاتها المادية لن تشعر بوجوده إلا عند رغبتها بالحصول على المادة، والعكس صحيح فلا تشعر الابنة بوجود والدها إذا كان ليس لديها رغبة بالمادة، وتنعكس علاقة الابنة بأبيها خلال مرحلة تطورها النفسى على اختياراتها بالزوج عند الكبر فيما بعد، فإذا كانت العلاقة بينهم تتضمن قسوة وخوفاً يولد لديها نوعاً من رفض الذكور أو الجنس الآخر أو أنها تذهب لأفعال شاذة تماماً كنوع من التنفيس الانفعالى على العدوان الذى يمارسه الأب.
تأثير غياب الأب عن ابنته
أما فى حال غياب الأب من حياة ابنته سواء بالسفر أو بعدم اكتراثه بأمرها، يكون هناك غياب بمركز الضبط والأمن لديها، فقد تنغمس فى علاقتها بأصدقائها، ووضعهم فى مكانة هامة بحياتها، وهنا يتحدد سلوكها ونمط تصرفاته على حسب دائرة أصدقائها، إذا كانت جيدة وسوية يكون سلوكها إيجابياً والعكس، بحسب ما ذكر «يوسف»، مشيراً إلى أن الأب الذى تتربى ابنته تحت رعايته تنعم بالأمان ويكون بالنسبة لها مركز الضبط اللين قائماً على التفاهم وبناء شخصية أنثوية لديها القدرة على التمييز بين الصواب والخطأ ومقاومة آفات المجتمع، بوجهة نظر غير متعسفة، مؤكداً أن دور الأب يكون أكبر من الأم، خاصة بمرحلة ما بعد الطفولة، فى بناء شخصية الأبناء الذكور والإناث، ومع الأبناء الذى يتسم سلوكهم بعدم الانضباط كالمستهترين.