استحوذت شائعة انقطاع الإنترنت يوم 11 أكتوبر مؤخرًا على مخيلة رواد مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تداول البعض أنباء عن انقطاع الإنترنت المفاجئ على مستوى العالم بسبب عاصفة شمسية هائلة على نطاق واسع، مما أثار التكهنات وسوء الفهم.
سبب عدم انقطاع الإنترنت يوم 11 أكتوبر
هذا اللغط الشائع عن انقطاع الإنترنت عن العالم يوم 11 أكتوبر، كان سببه مفهومًا جرى طرحه في ورقة بحثية بعنوان «العواصف الشمسية الهائلة: التخطيط لنهاية العالم على الإنترنت» بقلم سانجيثا عبده جيوثي، أستاذ علوم الكمبيوتر في جامعة كاليفورنيا في إيرفاين، وتم إخراجه من سياقه وتسبب في إنذار لا مبرر له، إذ تشير الورقة البحثية إلى أن عاصفة شمسية شديدة يمكن أن تعطل البنية التحتية للإنترنت، وخاصة كابلات الاتصالات البحرية التي تسهل الاتصال لمسافات طويلة. ومع ذلك، فإن هذا السيناريو تخميني للغاية وليس وشيكًا. ولعبت الورقة البحثية عن غير قصد دورًا في إثارة إشاعة نهاية العالم على الإنترنت.
وأشارت الورقة البحثية إلى أنّ كابلات الإنترنت الممتدة تحت البحار والمحيطات وتربط القارات ببعضها، جرى تجهيزها بمكررات لتعزيز الإشارة الضوئية، وهي متباعدة على فترات تتراوح من 30 إلى 90 ميلاً تقريبًا (50 إلى 150 كيلومترًا).
هذه الكابلات أحيانًا ما تكون معرضة للتيارات المغناطيسية الأرضية في حال انقطع اتصال مكرر واحد وفي هذه الحالة يمكن أن تصبح هذه الكابلات عديمة الفائدة وفقًا للورقة البحثية.
وبحسب شبكة «BNN Bloomberg» فقد اكتشف مسبار باركر الشمسي التابع لناسا مؤخرًا معلومات جديدة حول مصدر الرياح الشمسية، وهي نتيجة لظاهرة تُعرف باسم إعادة الاتصال المغناطيسي. وفي حين أن هذا الاكتشاف له صلة بفهمنا للعواصف الشمسية، فإنه لا يشير بالضرورة إلى تهديد وشيك للبنية التحتية للإنترنت لدينا.
ناسا تنفي شائعة انقطاع الإنترنت عن العالم
أما دور ناسا في الشائعات كان عرضيًا بحتًا، إذ جرى إساءة فهم الأبحاث العلمية لوكالة الفضاء وتحريفها على منصات التواصل الاجتماعي، وأصدرت وكالة ناسا منذ ذلك الحين بيانًا رسميًا يفضح الشائعات حول انقطاع وشيك للإنترنت مرتبط بالنشاط الشمسي.
وفي سياق مماثل، أشار مقطع فيديو ومقال إخباري تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي إلى أن التعتيم على الإنترنت في جميع أنحاء العالم كان وشيكًا، والفيديو عبارة عن مقطع متلاعب به من حلقة قديمة من برنامج يعود تاريخها إلى أكتوبر 2018، كما ثبت كذب المقال، الذي يُزعم أنه من صحيفة «ذا ميرور» البريطانية.
وفي حين أنّه من الممكن نظريًا أن تؤدي العاصفة الشمسية إلى تعطيل خدمات الإنترنت، فإن احتمال حدوث ذلك منخفض بشكل كبير، فـ الشائعات المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي حول انقطاع الإنترنت في 11 أكتوبر على مستوى العالم لا أساس لها من الصحة، وتم فضحها رسميًا من قبل السلطات المختصة، يمكن للمستخدمين أن يطمئنوا إلى أنّ هيئة تنظيم الاتصالات والحكومة الرقمية يعملون بلا كلل لضمان خدمات إنترنت متسقة دون انقطاع.
كابلات الإنترنت تخضع لعملية غاية في التعقيد
المهندس محمد الحارثي استشاري تكنولوجيا المعلومات والإعلام الرقمي في حديثه لـ«الوطن» يقول إنّ انقطاع الإنترنت على مستوى العالم هو أمر مُستبعد تمامًا، خاصة في ظل انتقال الخدمة عبر كابلات بحرية، إذ تتسبب أحيانًا التغيرات المناخية في التأثير على خدمة الإنترنت عن طريق الأقمار الصناعية، ويحدث ذلك في دول بعينها دون غيرها، في حين يستحيل انقطاع خدمة الإنترنت فجأة على مستوى العالم، خاصة وأنّ فلسفة تمرير الكابلات البحرية تخضع لعملية غاية في التعقيد يصعب الإضرار بها.