كهف صخري كبير، صخوره الطباشيرية الناعمة تلوح في الأفق، وكأنها لوحة قماشية بيضاء مليئة بخطوط ونقاط دائمة، يرجح أنها تشكلت قبل 58 ألف عام، لكنه ظل لغزا محيرا لعلماء منذ آلاف السنين، إذ يعتبر كهف روش كوتار الواقع على تلة مشجرة فوق نهر لوار بفرنسا، الأكثر غموضا في العالم، لذا يجذب إليه مئات السياح بشكل سنوي، بحسب صحيفة «الجارديان» البريطانية.
لغز كهف روش كوتار الأكثر غموضا بالعالم
مئات النقط والخطوط الباهتة والمتموجة في موقع كهف روش كوتار الأكثر غموضا في العالم، يرجح العلماء أنها تشكلت قبل 58 ألف عام، بناء على تحليل العلامات القديمة التي أثبتت أنها أقدم النقوش المعروفة التي صنعها إنسان نياندرتال، حيث تظهر على أجزاء من أطول جدار وأكثرها استواءً في الكهف، بحسب جان كلود ماركيه، عالم الآثار بجامعة تورز: «هذه الرسومات منظمة، ولم تنفذ بسرعة أو دون تفكير مسبق، إذ أن بعض الألواح كانت غنية بالعلامات التي ما تزال تحيرنا».
واكتشف الكهف عام 1846، خلال أعمال التنقيب على ضفاف نهر اللوار، إذ عثر على مدخل كان مدفونًا، وفي عام 1912، عثر على عظام حيوانية وأدوات حجرية تعود إلى إنسان نياندرتال في الموقع، لكن العلماء كشفوا أن الكهف على 4 غرف رئيسية متصلة ببعضها البعض، يصل عمقها إلى 33 مترًا في ضفة النهر، ويبدو أن إنسان نياندرتال عاش في الغرفة الأولى وأمام مدخل الكهف، حيث عثر على الأدوات والعظام.
كهف روش كوتار
النقوش المرصودة في الغرفة الثالثة بالكهف كانت تغطي طبقة رقيقة بنية اللون في جزء كبير من جدار الحجر الجيري المتفتت، بحسب عالم الآثار: «الجدار هش للغاية، وكل ما عليك فعله هو لمسه لترك علامة عليه، وكشف تحليل الرواسب التي كانت تسد المدخل أن الكهف كان مغلقاً من الخارج بشكل فعال منذ 57 ألف عام على الأقل».
8 لوحات منفصلة وجدت داخل الكهف الأكثر غموضا في العالم، حيث توجد على إحدها خطوط منحنية تلتقي عند نقطة، بينما تحمل لوحات أخرى عشرات النقاط والخطوط المتوازية ونمطًا يشبه المروحة، بحسب بول بيتيت، أستاذ علم الآثار القديمة في جامعة دورهام: «آثار الكهف تشير حصريًا إلى إنسان نياندرتال، مع عدم وجود دليل على احتلال لاحق في العصر الحجري القديم العلوي، وربما لأن الكهف كان غير قابل للوصول في ذلك الوقت، فإن هذا يوفر دليلاً قويًا غير مباشر وتراكمي على أن إنسان نياندرتال أنتج النقوش الموجودة في الكهف».
كهف روش كوتار يجذب السياح
في عام 2008 فتحت السلطات الكهف أمام الزوار، ليجذب عدد كبير من السياح بنقوشه ولوحاته المختلفة، لكنه سيظل لغزًا إلى الأبد، بحسب بيتيت: «من المهم أن نعرف عن آثار إنسان نياندرتال القديمة هذه، لأنها جزء من ماضي منطقتنا وتاريخنا».
وإنسان نياندرتال هو عضو في مجموعة من البشر القدامى الذين ظهروا منذ 200 ألف عام على الأقل خلال عصر البليستوسين (حوالى 2.6 مليون إلى 11700 سنة)، وتم استبدالهم أو استيعابهم في أوائل العصر الحديث ضمن السكان البشريين (الإنسان العاقل) بين 35 ألف سنة وربما 24 ألف سنة.