منذ صغره يعرف الشيخ «حسن محمود» بين أهالي قريته بموهبته الفريدة في تلاوة القرآن ولمع بينهم بصوته العذب في أذان الـ 5 صلوات انبهر بأدائه في شبابه أحد كبار القراء بالقرية وهو الشيخ «محمد المزين» وتتلمذ على يده وقرر أن يبدأ معه رحلة الإبحار في عالم القرآن الكريم، ثم أخذ في تدريبه حصة بعد أخرى حتى أتقنه، ثم تخرج في كلية الهندسة واعتاد أهالي القرية على سماعه منذ نعومة أظافره، وكانت تلاوته مصدر راحة وإلهام لهم جميعًا وصوته ملأ قلوبهم.
في جنازة مهيبة ودع أهالي قرية البرادعة بالقليوبية قبل أيام واحدًا من حفظة كتاب الله، وعُرف بحسن أدائه ترتيلا وتجويدا، ولذا امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بالترحم عليه فور إعلان وفاته، وهو الشيخ حسن محمود الذي أبكاه مصحفه ومحبوه، إذ أمتع بعذوبة صوته الكثيرين من أبناء قرية «البرادعة» إحدى أكبر قرى مركز القناطر الخيرية بالقليوبية وودعوا شيخًا وصديقًا وجارًا حفظ القرآن في سن صغيرة وأتقن تجويده وأحكام تلاوته، واعتادوا على سماع صوته العذب في كل أذان.
قضى عمره داخل مسجد القرية
ثم ذاع صيته في البرادعة وكان يقضي معظم أوقاته في أكبر مساجدها، حيث بدأ وهو طالب يؤذن في المسجد ويتلو القرآن بين الناس في ساحة مسجد القرية، كان الناس في حياته يتوافدون على المسجد لعذوبة صوته ليمتلئ عن آخره، وكان الشيخ حسن من حملة القرآن العاملين به، ولم يكن مجرد صوت يتلو وهو ما أكده نجله أحمد نجل الشيخ الذي قال إن والده عاش في قرية البرادعة وعاش يتيمًا بعدما رحل والده وهو بعمر 5 سنوات في ظل ظروف معيشية صعبة اضطرته للعمل بأجر زهيد في تنقية القطن من الدود، وفي هذا الوقت اتجه إلى حفظ القرآن الكريم على يد عدد من مشايخ القرية في المسجد «العباسي» الذي تربى على يد أئمته وقرائه، ومن ضمنهم الشيخ محمد المزين أحد قراء القرآن في القرية، وحفظ القرآن على يده.
وبشيء من الحزن أضاف خلال حديثه لـ«الوطن» أنه اكتمل تعليمه في مدارس القرية بجميع مراحلها حتى تخرج في كلية الهندسة وكان صوته ندي، وختم القرآن في سن صغيرة والتف حول أهل العلم والقرآن وأصبح واحدًا منهم، وختم القرآن في سن مبكرة، وكان متأثرًا بكبار القراء وأكثرهم الشيخ المنشاوي حتى أنه يذكر بصوته بسبب تأثيره عليه وحبه الشديد وكان أذانه يصدح بعذوبة في أنحاء القرية، منطلقًا من مسجد «العباسي» الذي ترعرع بين جدرانه وأتقن كتاب الله.
اشتد عليه المرض في الأيام الأخيرة
وأورد الابن أن الوالد رحل تاركًا عددا كبيرا من التلاميذ وأصبحوا دعاة وأئمة في المساجد بجانب عدد من حفظة القرآن الذين تعلموا على القراءة المجودة، وكانوا يلتفون حوله في المسجد وكان رجلًا بسيطًا يتعامل مع جميع الفئات والأعمار دون تكلف وكان يتفاخر بتلاميذه من حفظة القرآن الصغار إلى أن أصيب بمرض السكري قبل سنوات، واشتد عليه مرضه في الأيام الأخيرة.
قبل أيام جمع الشيخ حسن أبناءه ليوصيهم خيرًا بأنفسهم ووفقًا لنجله «ودعنا في سلام لتخرج جنازته من المسجد الذي قضى سنوات فيه يذكر الله ويقرأ كتابه وكانت رسالته لنا أنه سامحنا وقال الشهادة التي كانت آخر كلماته.. لا إله إلا الله، محمد رسول الله.. ونظر إلى مصحفه كأنه يودعه، وشُيِّع في وقت متأخر من الليل إلى مثواه الأخيرة في جنازة شارك فيها أهالي القرية التي خرجت عن بكرة أبيها لوداعه».