من قلب مدينة القاهرة تبدأ «نقطة الصفر»، لينطلق آلاف «البوسطجية» ببدلة موحّدة وطربوش أحمر، يستقلون الدراجات ويطوفون المحافظات، بخطابات عاجلة داخل حقائب مميزة، يحملون الأشواق والأوجاع، لينزعوا الطربوش وتُستبدل الدراجة، ويختفى الزى الموحد، لكن يظل «البريد» شامخاً يجمع فى متحف خاص عراقة تاريخه قبل 159 عاماً، وحتى ما فعلته به التكنولوجيا، لتواكب زيارات الأجيال التى لا تنقطع، مع الاحتفاء باليوم العالمى للبريد.
قبل 107 أعوام، وتحديداً فى الفترة ما بين (1917 – 1922) شرع الملك فؤاد الأول فى إنشاء متحف البريد المصرى، ليُسجل التاريخ ويحفظ آثار مصلحة عريقة فى القدم مثل مصلحة البريد المصرى، وكلما مر الوقت زادت العناصر التكنولوجية لتواكب العصر وتحفظ مجداً صنعه الأجداد، بإدخال التقنيات الحديثة، والاستعانة بالذكاء الاصطناعى وتكنولوجيا المعلومات فى عرض وسرد هذا التاريخ.
«استمتع بالمتحف بطريقة برايل»، واحدة من التقنيات التى أتاحها المتحف لزيادة رقعة زواره، ويحكى رضا رجب، مدير إدارة المتحف وتنمية التراث، لـ«الوطن»، عن استحداثهم تكنولوجيا خاصة بذوى الاحتياجات الخاصة، بوضع لوحات معلوماتية خاصة بطريقة برايل لذوى الهمم تشرح قاعات المتحف وأهم المقتنيات باللغتين العربية والإنجليزية، فلذوى الهمم تكنولوجيا خاصة داخل المتحف: «تم وضع رامبات خشبية لتسهيل حركة ذوى الاحتياجات الخاصة بسهولة ويُسر داخل أروقة وقاعات المتحف، وتم تصميم حمامات خصيصاً لذوى الاحتياجات الخاصة مجهزة بكل المستلزمات».
تحكى جدران 15 قاعة داخل المتحف تاريخ البريد بالتكنولوجيا، برعاية فريق بحث متخصّص فى جمع المعلومات التاريخية، التى تعمل على تنمية التراث المتحفى، وأحدث طرق العرض المتحفى، ويستعرض مجموعة من الإرشاد بثلاث لغات غير اللغة العربية، وهى: «الإنجليزية والفرنسية والألمانية»، ويروى «رجب» أن ذلك إلى جانب اعتماد طرق تكنولوجية داخل المتحف، تبدأ بما يطلق عليه «الخط الزمنى»، من خلال تطبيق «Egypt Post AR»، الذى يتم تحميله عبر الهواتف المحمولة، ويهدف إلى التعريف بالطوابع التى تم إصدارها من هيئة البريد المصرى، بداية من عام ١٨٦٦ بطريقة مسموعة ومقروءة.
«فلاتر التصوير» واحدة من الوسائل التكنولوجية التى تعتمدها إدارة المتحف، ويستعرضها «رجب»: «يتم عمل scan QR Code، ويتم وضع فلتر خاص بالمتحف والبريد المصرى لالتقاط الصور التذكارية، وكذلك تم عمل فيديوهات خاصة بأهم المقتنيات فى المتحف، مرتبطة بصفحة البريد المصرى على موقع «يوتيوب»، للتعريف بتاريخ هذه المقتنيات، ووضع شاشات avatar تستعرض المتحف بطريقة سلسة، حيث توجد بها رسالة ترحيبية من «عم سعيد» ساعى البريد، وبها دليل للمتحف وموقع كل قاعة، وكل مقتنى من مقتنيات المتحف، وفى أغلب قاعات المتحف توجد شاشات معلوماتية تعرض برزنتيشن لأهم المقتنيات، كما وضعت خاصية NFC على بعض الطوابع للمشاهير، مرتبطة بموقع «ويكيبيديا» لتسرد قصة حياة هؤلاء المشاهير الذين تم تخليد أسمائهم على طوابع البريد المصرى».