تابعت قلوب العرب أجمع قصف قطاع غزة، على مدار أيام مرت كالدهر، الجميع يتألم ويختبر إنسانيته، ولكن بينهم من تعتصر قلوبهم خوفا على ذويهم ممن تركوهم بقطاع غزة بفلسطين الشقيقة، فلم يغادر محمد رمزي، وفقا لحديثه لـ«الوطن» مقعده أمام الشاشات العالمية متابعا بقلبه وروحة أماكن القصف، وممسكا بهاتفه يتوسل شبكات الاتصال أن تجيبه بالطرف الآخر، فالجميع بغزة من ذويه، ولكنه ترك هناك والده ووالدته وأشقائه وعائلته بأكملها، قبل أن يغادرها للعمل بالخارج.
استشهاد الأسرة بأكملها بغزة
لم تستجب وسائل الاتصال لتوسلاته، لكن أجابته نشرات الأخبار برؤية منزله ومنزل عمه وعائلة زوجته، تحت القصف وكانت فاجعته باستشهاد والده وعمه ووالدته و18 فردا من أفراد عائلته، لينعيهم قائلا «والله إستنيتكم يا حبايب قلبي وما صدقت وحكيت راح تطلعوا من تحت الأنقاض بس ربنا ما أراد عشان بيحبكم كتييير وبدو ياكم عنده في جنات الخلد شهداء مع الانبياء والصدقين.. عائلتي والدي ووالدتي وأختي وعمي وزوجة عمي في ضيافة الرحمن شهداء، وهم بين يدي الله ساجدين ورفقتهم كوكبة من الشهداء الأقمار في عائلة زوج اختي .نحتسبهم شهداء عند الله ولا نزكي على الله أحدا».
رمزي وبسام شقيقين عاشا معا واستشهدا معا
وأضاف محمد، «أبوي وعمي ولدا مع بعض، وتيتموا مع بعض وتربوا طفولتهم مع بعض، كافحوا ودرسوا ونجحوا مع بعض، فاتوا الجامعة وتخصصوا الهندسة مع بعض تخرجوا ورجعوا ليخدموا بلدهم فلسطين مع بعض، وتزوجوا مع بعض عاشوا بنفس البيت لسنوات مع بعض، علمونا إحنا وأولاد أعمامي كلنا أخوة بعض، حجوا بيت الحرام ورا بعض، كانوا أرواحهم لبعض ما بيقدروا يفترقوا عن بعض لدرجة إنه كنا بنمازحهم ونحكيلهم راح تموتوا مع بعض أبوي وعمي استشهدوا مع بعض لدرجة وقت الدفن ما حدا عرف يفرقهم من بعض، أبوي وعمي وأمي وخالتي وأختي في الجنة مع بعض، والمناسبة اليوم عيد ميلاد أبوي وراح يحتفلوا بالجنة مع بعض وحيعزموا كل الشهدا ليحتفلوا مع بعض».
مصر البلد الثانى
كان بسام ورمزي» شقيقين ولدا معا واستشهدا وعائلتيهما معا، درسا في مصر وعاشا بها لسنوات وأبنائهما أيضا درسا وعاشا بمحافظات مصر ولهما ذكريات عديدة ما بين العريش والإسكندرية والشرقية والقاهرة وحلوان، فمصر لهما بلد ثانٍ.
الزيارة الأخيرة لمصر
وكانت زيارتهما الأخيرة لمصر منذ شهر تقريبا، حيث استمرت 6 أشهر، فقد سافر بسام لزيارة ابنه الذي يدرس بجامعة الزقازيق، ويلحق به شقيقه رمزي، حيث اشتاق له، وعقب عودتهما بشهر قررا قبل الاستشهاد بأيام إعداد العدة للسفر مرة أخرى لمصر، ولكن نيران المحتل لم تسعفهما، واصطفاهما الله معا، «محمد اللي بغزة استشهد واللي بالخارج حيعيش بوجع قلب وحسرة لآخر العمر».
يوم محفور بالذاكرة
يصف محمد يوم الاستشهاد ومشاهدة منزل عائلته وقد أصبح كومة رماد «كان يوم حيضل محفور بالذاكرة لآخر العمر لا يوصف بالكلمات، ولكن عزائنا بأنهم شهداء بالجنة ومن البداية كنا عارفين إنه الجميع تحت الأنقاض لكن ضلينا نستنى ع أمل حد يحكيلنا إنهم بخير، لكن الحمدالله قضاء الله وقدره».
دعم القضية الفلسطينية
كانت قد شهدت الأحداث بقطاع غزة تصاعدا بالفترة الأخيرة عقب قصف الأهداف المدنية واستشهاد مئات من الأطفال والنساء والمدنيين الفلسطينيين، أبرزها قصف مستشفى المعمداني الذي أسفر عن ارتقاء 800 شهيد معظمهم أطفال، مما أطلق دعوات بالعالم العربي والعالم أجمع لدعم القضية الفلسطينية، وخرجت جموع المصريين بالمحافظات والمراكز تدعم فلسطين وترفض التهجير وتهتف بالروح بالدم نفديك يا أقصى، وأنا دمى فلسطيني.