كراسة كبيرة هجرها الزمن، وتراكم فوقها تراب السنين، حتى تحول لونها إلى الأصفر القاتم، مكتوب أعلى مجلدها «وزارة المعارف العمومية» -تعادل وزارة التربية والتعليم في الوقت الحالي-، وأسفلها مدون «مدرسة المعلمين بالمنيا»، بتاريخ أكتوبر عام 1950، وهي كراسة رسم تعود لطالب بمحافظة المنيا، منذ أكثر من 73 عامًا.
الكراسة تحمل اسم حسن حفناوي السيد، وكُتب في خانة الفصل «الخامس – أول»، وعمره 18 عامًا، عثر عليها المنتج السينمائي حسام علوان، المشهور بهواية جمع المقتنيات القديمة، حين كان يتجول في سوق الجمعة كعادته، لشراء المقتنيات والأشياء القديمة، سواء أوراق أو أدوات أو أثاث، وهي عادة منذ سنوات طويلة، بدأت معه منذ الصغر، واستمرت حتى الكبر.
من رسومات الألوان إلى القلم الرصاص
داخل كراسة الرسم، رسومات تتنوع بين الملون والرصاص، منها رسومات السيد المسيح عيسى ابن مريم، وصور من الغابة، وحيوانات وطيور تسير على الأرض، ورسومات للبحار وبعض الجبال، كما رسم صورة لبعض الطلاب، وكتب عليها تعليق قائلًا: «المعلم يخرج الناس من الظلمات إلى النور، من ظلمات الجهالة التي تلتهمهم وتطويهم تحت ستارها المعتم الثقيل، فهو رسول العلم ونور مضيء للناس»، ثم تغيرت الكراسة، لتتحول الرسومات إلى القلم الرصاص، غير مكتملة وغير واضحة، ولا تعبر عن شيء.
كراسة «حسن» اختارها «علوان» عن غيرها
عديد من الكراسات كانت أمام أعين «علوان»، لكنه اختار كراسة الطالب «حسن»، وفقًا لحديثه لـ«الوطن»: «اخترت الكراسة دي عن غيرها، لأني أنا ماكنتش أقدر أشتري كل الكراسات، لكن الكراسة دي شدتني، حسن صعب عليا واتضايقت علشانه، رغم إن بيفصل بيني وبينه 73 سنة، واضح إنه كان بيرسم لوحات جميلة بألوان ماية، لغاية ما بقى كل رسمه بالرصاص وانفعالي وغير مكتمل، من الواضح إن حصله حاجة غير مفهومة، لأنه كتب في نهاية الكراسة يعبر عن حزنه وغضبه لفقدان حبيبته»، وكتب الطالب بعد المقتطفات من كتاب «في سبيل التاج» لمصطفى لطفي المنفلوطي.