يجلس برفقة زوجته منذ مطلع النهار، ليصنعا معًا عصير التمر الهندي والسوبيا وعرق السوس، العصائر التي لا تخلو منها موائد الصائمين خلال شهر رمضان المبارك، ثم يحمل الـ«ترابيزة» وزجاجات العصير، نازلًا بهم من شقته التي تقع في الطابق السادس، ليقطع بهما مسافة عدة كيلومترات، يضعهما على إحدى حافتي الطريق، منتظرًا زبونًا أو أكثر إلى وقت أذان المغرب، ويفعل ذلك كله على الرغم من فقدانه البصر.
عبدالله علاء الدين 30 سنة، فقد بصره منذ عدة سنوات نتيجة حادث تعرض له، أجبرته الحاجة إلى الإنفاق على أسرته، التي تتكون من طفلتين صغيرتين وزوجة، على قطع كل هذه المسافة بشكل يومي برفقة أحد جيرانه، الذي يوصله بدراجته النارية، طوال أيام الشهر الكريم، ليجد آخر اليوم ما ينفقه على أسرته الصغيرة.
من بيع الملابس إلى بيع العصائر
يسكن «عبدالله» منطقة العاشر من رمضان بمحافظة القاهرة، تزوج منذ نحو 5 سنوات، وكان يعمل في ذلك الوقت بمطعم مشويات، ليتفاجأ بين ليلة وضحاها، بأنه أصبح فاقدًا نعمة البصر: «من بعد الحادثة دي سبت شغلي الأساسي، فبدأت أدور على شغل يناسب حالي» حسب ما ورى لـ«الوطن»، مضيفًا أنه بدأ يتاجر في الملابس برفقة زوجته: «جبت ملابس وبقيت أبيع أنا وزجتي من البيت، ولما يجيلنا طلب كنت بروح أوديه بمساعدة جاري على الموتوسيكل».
الشيخ جمال الجار والأخ لـ«عبدالله»
الشيخ جمال هو جار بمثابة أخٍ لـ«عبد الله»، ساقه الله إليه ليذهب معه أينما راح، ويجيئ برفقته أينما جاء: «لما حد بيطلب مني ملابس بيوصلها معيا بالموتسيكل» ليس ذلك وحسب، بل هو المعين الأساسي له في مشوار بيع عصائر رمضان: «بيوصلني كل يوم بالتربيزة والعصير للمكان اللي ببيع فيه ويرجعني آخر اليوم».
يحلم الشاب الثلاثيني أن يمتلك «كُشكا» يجمع فيه مجموعة البضائع التي يستطيع أن يتربح من ورائها: «بسعى ليا فترة إن يكون معايا كشك أبيع فيه، لكن لسه محصلش نصيب»، مشيرا إلى أنه ليس له أي مصدر رزق يتقوت به بعد مرور الشهر الكريم، إلا مجموعة الملابس التي لا يربح من ورائها إلا الجنيهات القليلة.