بين ليلة وضحاها، فقد ضجيج المدينة بهجته، مبان فاخرة تحتل موقعا مميزا قرب شاطئ بحر درنة الليبية، باتت مجرد صورة تذكارية في ألبوم أحدهم، حتى صاحب الألبوم نفسه أصبح رقما مجهولا في سجل المفقودين، ضحايا بالآلاف ومشاهد مأساوية تختزل قصصا لا تحصى لبشر طواهم الطين في ظلمة ليل حزين، اجتاح فيه إعصار دانيال المدمر أراضي ليبيا، وعكر صفو سمائها، لتسيل السحاب دموعا في صورة أمطار، معلنة اكتمال أركان كارثة إنسانية مؤلمة، لا يمكن وصفها بالكلمات، فالصور أكثر تعبيرا وتفصيلا.
ضرب إعصار دانيال مدينة درنة الليبية، يوم الأحد الماضي، وحول أحياء المدينة إلى حطام، بعد أن جرفت السيول مبانيها، الطرق غطاها الطين والركام، واقتلعت الأشجار من جذورها، وغمرت المياه المنازل بعد انهيار السدود.
وخلف الإعصار المدمر خسائر بشرية، وصلت حصيلتها إلى أكثر من 5300 قتيلا، وتجاوز عدد المفقودين 10 آلاف شخص، عائلات اختفت بالكامل، وانتشرت الجثث في كل مكان، حتى جهاز الإسعاف والطوارئ الليبي، لم يستطع التواصل مع فرق الإنقاذ، بسبب انقطاع الاتصالات فيها، قبل أن تعلن درنة «منطقة منكوبة» في النهاية، وفقا لـ«العربية».
صور درنة.. كانت مدينة وأصبحت منكوبة
تبقى الصور إلى جانب أرقام الضحايا وتكلفة الخسائر، أكثر ما يعبر عن حجم الكارثة وفظاعتها، من خلال مقارنة نفس المناطق قبل وبعد الإعصار، الذي نالت النصيب الأكبر من تدميره مدينة درنة الليبية، ثان أكبر مدن الجبل الأخضر بعد مدينة البيضاء، ويقطنها نحو 125 ألف نسمة.
كارثة درنة من الفضاء
وثقت شركة «بلانيت لابس» الأمريكية المتخصصة في التقاط صور للأرض من الفضاء، حجم الكارثة بلقطتين للمدينة قبل وبعد الإعصار، موضحة حجم الدمار الذي حل بمدينة درنة شرقي ليبيا، إثر إعصار دنيال، التي تعرضت لها مؤخرا.
وأظهرت الصورة الفضائية، البحر كما لو كان ابتلع جزءا كبيرا من درنة بعد الكارثة، بينما أوضحت صورة أخرى مجرى السيل وجرف منطقة بما عليها.
وبحسب ما ذكرت «سكاي نيوز»، فإن الآلآف قُتلوا في ليبيا، تحديدًا بدرنة، بينما ما يزال أكثر من 10 آلاف في عداد المفقودين، إثر سيول وفيضانات جلبتها العاصفة التي هبت من البحر المتوسط، ومحت أكثر من ربع «درنة».
آلاف القتلى وجثث بممرات المستشفى
وبحسب ما ذكر أحد أكبر المسعفين في المدينة الساحلية لـ«رويترز»، فإن أكثر من 5 آلاف شخص لقوا حتفهم، حيث ألقيت عديد من الجثث على الأرض في ممرات المستشفى المركزي، بالتزامن مع محاولات السكان التعرف على ذويهم المفقودين.
جدير بالذكر أن العاصفة دانيال ضربت مدنا أخرى في شرق البلاد، منها بنغازي ثان أكبر المدن الليبية، وسارعت بعض الدول وعلى رأسها مصر، إلى تقديم المساعدات لليبيا وتزويدها بمركبات للبحث والإنقاذ وقوارب للإغاثة ومولدات كهرباء ومواد غذائية.