«لماذا لا تستفيد من هذه الفرصة، وتبدأ مشروعا خاصا ببيع هذا السمك؟»، صوت داخلي همس في أذن شاب كادت الظروف الصعبة أن تحول حياته وأسرته إلى جحيم، إذ تزداد الهموم يوميا، وتتسع دائرة أصدقاء السوء، ليتخذ طريقا مسدودا نهايته الإجرام.
رحلة تفتح باب رزق أمام «محمد»
محمد شاب ثلاثيني، من محافظة القاهرة، لم يتوقع أنه سيتلقى إلهامًا من الله يقلب حالته المادية المتواضعة رأسًا على عقب، عندما خرج في رحلة في البحر مع أصدقائه الذين وجدوه في حالة يرثى عليها وبلا عمل، وقرروا أن يصطادوا السمك سويا، مع العلم أنهم جميعا لا يعرفون الصيد، لكن شغف التجربة كانت بداية تحول كبير في حياته، بحسب تصريحاته لـ«الوطن».
يقول محمد: «تعرفت على أصحاب السوء، عشان قاعد في منطقة شعبية، ومكنتش عارف أشتغل وأصرف على بيتي، لحد لما قابلت كام واحد طلعوا ولاد حلال، وحاولوا يخرجوني من اللي أنا فيه، وسافرت معاهم مصيف، وهناك مسكت الشبكة ولقيت سبحان الله كمية أسماك صغيرة أشكال وألوان».
في تلك الرحلة، وجد محمد نفسه محاطا بالسمك الصغير، وشعر بنشوة الفرح، حتى همس في أذنه صوتا داخليا يرشده إلى الاستفادة من رزق الله، وعمل مشروعا صغيرا، ففكر في شراء أكواب شفافة صغيرة ووضع كل سمكة بداخلها، وبيعها للأطفال، وتعلم الصيد بطريقة صحيحة أو الاتفاق مع الصيادين الكبار، لشراء منهم الكميات المطلوبة للبيع حال نجاح المشروع.
نجاح سريع لمشروع الأسماك الملونة
«منضدة صغيرة عليها 10 أكواب بلاستيكية بها أسماك صغيرة سوداء وصفراء وزرقاء، تشبه صندوق السمك الزجاجي، لكن الحجم مختلف، الواحدة تباع بسعر 15 جنيها» مشروع محمد بعد جمع الرأسمال اللازم، وتأجير مكان صغير تحت كوبري السلام، وشراء أدوات العمل، ثم التواصل مع المزارعين الساحليين والصيادين المحليين، لشراء السمك منهم بأسعار تنافسية.
وبفضل هذا استطاع محمد، أن يكمل في مشروعه الذي حقق نجاحا منذ اليوم الأول، إذ يقف الأطفال برفقة آبائهم فرحين بحركة الأسماك داخل الكوب البلاستيكي، ويصممون على شرائها لتربيتها في المنزل، متسائلين عن الأسعار «سعرها 15 جنيه يافندم، وفي فتحة هنا من أعلى الكوباية لتغيير المياه ببساطة كل أسبوع، فرحي ابنك يا مدام».
منذ ذلك الحين، أصبحت فكرة محمد هدفه الأسمى، إذ قرر أن يتعلم ويكتسب المعرفة والمهارات الضرورية، ويعيش حاليا مرحلة من البحث والاستكشاف لفهم سوق العمل وتحليل المنافسين، كما وجد الدعم والتشجيع من جميع أفراد عائلته وأصدقائه، الذين شاركوا معه الأحاسيس نحو النجاح والتحقيق، وفي كل خطوة يخطوها، تزداد رؤيته وثقته في نفسه.
لم تقتصر الفرحة فقط على النجاح المادي، بل يشعر محمد، الآن بالسعادة الداخلية والإشباع، لأنه استطاع أن يكون مستقلاً في مجال عمله، وكل حلمه الاستمرار في نجاح المشروع.