بقلب ممتلئ حبًا، ووجه بشوش مبتسم، تقف السيدة الأربعينية سوزي رفعت، ابنة حي مصر الجديدة، على رصيف أحد الشوارع، في يدها اليسرى شنطة بلاستيكية ممتلئة بالطعام، وفي اليمنى جزءًا منه، تمده لمجموعة كلاب التفت حول قدميها، تنتظر طعامها بثقةٍ، ليتشكل أمام المارة مشهدًا جميلًا من مشاعر الحب والرحمة، كأنها أمًا تُطعم صغارها.
«سوزي» تطعم كلاب الشارع
منذ نحو 4 سنوات، اعتادت «سوزي»، الخروج إلى شارع بيروت بحي مصر الجديدة في وقت العصر، حاملة ما تيسر لها من طعام لتقدمه لـ كلاب الشارع، التي باتت تنتظرها يوميًا في هذا المكان، وما أن يروها أو يشموا رائحتها، حتى يهرولون إليها، تارة يداعبونها وفي أخرى يتقافزون حولها، طلبًا للطعام.
«ربنا علمنا الرحمة ودول ملهمش حد يرعاهم».. كلمات قليلة شرحت بها السيدة الأربعينية، سبب حرصها على إطعام كلاب الشارع يوميًا، للدرجة التي تجعلها تُخصص هذا الوقت من اليوم للذهاب إليها وإطعامها، وأنها رغم حبها الشديد للكلاب ومشاعر الرحمة والعطف التي تسكن قلبها تجاهها، إلا أن مشغولياتها وواجباتها الأسرية، لا تسمح لها سوى بتحضير وجبة واحدة يوميًا وتقديمها لها.
بداية رحلة «سوزي» مع إطعام كلاب الشارع
بدأت رحلة «سوزي» في تقديم الطعام لكلاب الشارع قبل 4 سنوات، حينما وقعت عيناها على كلبٍ صغيرٍ يُمشط الشوارع ويقلب أكوام القمامة ليجد ما يأكله، فتألمت لأجله، وأسرعت تعد له طعامًا وتقدمه له: «بعد كده مع الوقت بدأت كلاب تاني تيجي معاه في نفس المكان، ودلوقتي وصلوا لحوالي 8 كلاب بأعمار مختلفة»، وأن الطعام الذي تُقدمه لها يتنوع بين أجنحة الفراخ والعظام والمكرونة والفتة، وهي عبارة عن «شوربة وعيش»، وتعتبر الأكلة المُفضلة للكلاب حديثة الولادة والصغيرة.
«سوزي»: من يَرحم يُرحم
«هما خلاص اتعودوا يجولي كل يوم في نفس الميعاد والمكان يستنوني لحد ما أجيلهم بالأكل».. وفقًا لـ«سوزي»، وأنها تهوى تربية الكلاب والقطط والعصافير في منزلها، لا سيما الكلاب، لِما تمتاز به من مشاعر حب وإخلاص لصاحبها: «برضو بأكل الغربان لما بشوفها قدامي، لأنها من مخلوقات ربنا وتستحق مننا الرحمة»، مشيرة إلى اقتناعها وإيمانها التام بأن الله خلق الطيور والحيوانات، ليكون لها دورًا في حفظ توازن الطبيعة، ناهية حديثها بجملة «من يَرحم يُرحم».