ورقة بيضاء من دفتر مذكراتها، بقيت هي الذكرى الوحيدة لوالدها بعد استشهادها، إذ كتبت بأناملها بعض الكلمات، التي باتت تسكن قلبها، لتخرج مشاعرها على الورق، تعبيرا عن حبها إلى أقرب شخص لها.
«أبي.. الشيء الوحيد الذي يجعل الحياة تمضي» كان هذا جزء من رسالتها، التي شاركها والدها الفلسطيني إياس ثابت عبر حسابه الرسمي على فيسبوك ليكن وداعه الأخير لها، في واحد من المشاهد المأساوية التي هزت قلوب الوطن العربي أجمع.
رسالة مؤثرة من فتاة لوالدها قبل استشهادها
فتاة لا يتجاوز عمرها الـ16 عامًا، رحلت في عمر الزهور، تاركه ورائها رصيدا كبيرا من الحب في قلب أصدقائها ومحبيها، لتلحق بشقيقها ووالدتها، اللذين رحلا قبلها، لتكن الضربة أشد قسوة على والدها إياس، الذي عبر عن فراقها: «كم كنت ملاك يا تيما، الدنيا لا تستحق أن تبقي فيها، اشفعيلي يا تيما عن رب العالمين، فنحن على ما يبدو مازلنا مذنبين».
كان هذا وداع والدها لها، بعد مشاهدة رسالتها المؤثرة ضمن مقتنياتها، التي ظلت باقية رغم رحيلها، لتحمل الكثير من المعاني، جعلت دموعه تنهمر، غير مصدقًا أن فلذة كبده ستتركه وحيدًا، لتحرك كلماتها وجدانه: «إلى أبي الحبيب أريد أن أفعل كل ما في وسعي، لأعلمك أني أحبك أكثر من أي شيء في الحياة يا أبي، هو ذاك الذي أطلب منه نجمتان، فيأتي وهو حامل على ظهره السماء، أبي هو الشيء الوحيد، الذي يجعل الحياة تمضي رغم ثقلها تمر، ليجعل الأمور المعقدة تبدو أكثر سلاسة، اللهم أبي فكل أيامي أبي الغالي».
ذكريات في طي النسيان
لم تكن «تيما» هي الفقيدة الوحيدة لـ«إياس»، إلا إنه قبل 30 يومًا فقد والدتها، ونجله أحمد الذي يصغر تيما بقليل، بعد ما تعرض منزلهم إلى القصف، حيث انهار العقار ولم يتبقى منه سوى حطامًا وركاما، ظلت شاهدا على ويلات وهجمات الاحتلال الإسرائيلي المتتالية، على قطاع غزة بأكمله.
وحرص الأب على تخليد ذكراها بنشر مجموعة من الصور عبر حسابه الرسمي على فيسبوك، ليلقي عليها في كل مرة نظرة وداع، يتذكر بها سنوات عاشها في كنف الأسرة، قبل أن يسلبه الاحتلال الإسرائيلي مصدر سعادته.