الدعاء من أعظم العبادات التي يلجأ بها المسلم إلى ربه عندما يُصاب بالمحن والابتلاءات؛ رغبة في زوال هذا الغم وفك الكرب، وهذا دأب الأنبياء من قديم الزمان، إذ تضمن القرآن الكريم الكثير من قصصهم التي بينت مدى خضوعهم لله تعالى في كل صغيرة وكبيرة، وفي السراء والضراء.
دعاء يقضي الله لك به حاجتك
ويقول الشيخ محمد وسام، أمين الفتوى بـ دار الإفتاء المصرية، إنَّ رَجُلاً ضَرِيرَ الْبَصَرِ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم، فَقَالَ: ادْعُ اللهَ لِي أَنْ يُعَافِيَنِي. فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ فَيُحْسِنَ وُضُوءَهُ وَيُصَلِّىَ رَكْعَتَيْنِ وَيَدْعُوَ بِهَذَا الدُّعَاءِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، يَا مُحَمَّدُ إِنِّي قَدْ تَوَجَّهْتُ بِكَ إِلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي هَذِه لِتُقْضَي، اللَّهُمَّ فَشَفِّعْهُ فِيَّ» فرد الله بصره.
واستدل أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية خلال لقاء تليفزوني على قناة «الناس»، بقول عثمان بن حنيف: «ونحن مع رسول الله صلّ الله عليه وسلم، ما أسرع ما عاد الرجل وقد رد الله عليه بصره»، مؤكدًا أنّه هو حديث صحيح، صححه الأئمة الترمذي وابن قزيمة والحاكم وتوارد على روايته كبار أئمة الحديث منهم شعبة بن الحجاج وغيرهم وقبله المسلمون عبر القرون.
نص الدعاء كما رواه أمين الفتوى
ويقول الشيخ إنّ هذا الدعاء مجرب يقوله المسلم في أي كرب أو أي مشكلة تواجهك أو ضيق تمر به أو أي أمر من أمور الدنيا، عليك أن تتوضأ وتصلي ركعتين، وبعد السلام، عليك أن تقرأ هذا الدعاء المذكور، وقد جربه المسلمون عبر القرون وكان منه من تفريج الكرب وقضاء الحاجات ما لا ينته من الكرمات، ولذلك قال الإمام بن الصلاح: ومن معجزات النبي صلّ الله عليه وسلم المستمرة بعد وفاته، استجابة الله لاستغاثات المستغيثين به عند قبره وبعيدًا عنه.
ومن التوسل المشروع ما ورد في «صحيح البخاري»: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه استسقى بالعباس رضي الله عنه وقال: «اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا». قَالَ: فَيُسْقَوْنَ. فلا يخفى أن توسلهم به هو استسقاؤهم بحيث يدعو ويدعون معه.
وقد ثبت بالسنة المتواترة وإجماع الأمة أن نبينا صلى الله عليه وآله وسلم هو الشافع المشفَّع، وأنه يشفع للخلائق يوم القيامة، وأن الناس يستشفعون به ويطلبون منه أن يشفع لهم إلى ربه، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْمَغَانِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِي، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً» رواه البخاري.
وفي «سنن أبي داود»: أن رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: إِنَّا نَسْتَشْفِعُ بِكَ عَلَى اللهِ وَنَسْتَشْفِعُ بِاللهِ عَلَيْكَ. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّهُ لَا يُسْتَشْفَعُ بِاللهِ عَلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ؛ شَأْنُ اللهِ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ». فأقره صلى الله عليه وآله وسلم على قوله: نستشفع بك على الله، وأنكر عليه قوله: نستشفع بالله عليك.