من الأمور المتعارف عليها داخل بيوت المسلمين، تشغيل الراديو على إذاعة القرآن الكريم لساعات طويلة طوال النهار، التي لا ينقطع عن أثيرها تلاوات مختلفة لسور القرآن الكريم بأصوات كبار مشايخ القراء، وعادة لا يستمع أهل المنزل لهذه التلاوة، ولكن يتركون المذياع مفتوحًا على مدار الـ24 ساعة، ما جعل البعض يتسائل عن جواز هذا التصرف المنتشر بين البعض.
حكم تشغيل القرءان دون الاستماع إليه
وتقول دار الإفتاء المصرية عبر موقعها الرسمية، أنّه من الواجب يلتزم السامعون للقرآن -الذي يتلى عليهم في المذياع أو من أحد القارئين- هذه الآداب وألا يشغلوا أنفسهم بأحاديث تبعدهم عن الإنصات للقرآن وفهم معانيه.
وأضافت «الإفتاء» أنّ القرآن الكريم ليس في قراءته وسماعه ضرر، بل هو نور وهداية ورحمة لجميع الخلق بما في ذلك الإنس والجن والسماوات والأرض والشجر والدواب؛ لأن كل شيء يسبح بحمده؛ قال تعالى: ﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾ [الإسراء: 44].
وأشارت دار الإفتاء إلى أنّ قراءة القرآن في الأماكن الطاهرة لا حرج فيها مطلقًا إذ كان المسلم يقصد بها ذكر الله والتعبد ورجاء الثواب من الله سبحانه وتعالى أو التعليم للغير كيفية التلاوة أو أحكام القرآن وهدايته؛ ويدل على ذلك إطلاق قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ﴾ [آل عمران: 191]، وإطلاق قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الأحزاب: 41-42]، والقرآن أشرف الذكر، وعلى هذا لا مانع من فتح المذياع على إذاعة القرآن الكريم في المنازل أو المحلات وغيره مع مراعاة آداب الاستماع من الهدوء والوقار والاحترام وعدم رفع صوت المذياع بما يشوش على المستمع أو الجيران.
حكم تشغيل شرائط القرآن أثناء العمل
أما في حكم تشغيل شرائط القرآن الكريم أثناء الانشغال بمهام العمل في الأوقات الرسمية، يقول الدكتور علي جمعة محمد إنّه إذا قام بعض المسلمين بتشغيل شرائط القرآن أثناء عملهم وانشغالهم بهذا العمل دون أن يتعمدوا الانصراف عن الاستماع أو صرف المستمعين عن الاستماع فلا مانع شرعًا من ذلك.
واستشهد على ذلك بقول الحق تبارك وتعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [لأعراف: 204]، قال عبد الجبار بن أحمد في «فوائد القرآن» – كما نقله عنه الإمام القرطبي في «تفسيره»: «إن المشركين كانوا يكثرون اللغط والشغب عنادًا لكي يصرفوا الناس عن الاستماع لتلاوة القرآن».