مسجد الظاهر بيبرس
ما أن تقع عيناك على ذلك المبنى العتيق يرتجف قلبك بحالة روحانية مصبوغة بشعور آخر ينتقل بك إلى ماض بعيد بمجرد أن ترى جدرانه محاطة بالأسوار السمراء والأشجار الطويلة الخضراء، ويحتوي على عدد من البوابات ذات الطراز المعماري القديم للدولة المملوكية تجذب أنظار المارة من حوله يدخل الزوار منها لاجئين من مختلف اللأماكن لإلقاء نظرة عليه بعد ترميمه وافتتاحه بعد زمن طويل، إنه مسجد الظاهر بيبرس في حي السكانيكي بمحافظة القاهرة.
معلومات عن مسجد الظاهر بيبرس
يعتبر مسجد الظاهر بيبرس، ثالث أكبر مساجد مصر مساحة، إذ يعد معلمًا تاريخيًا وأثريًا مهمًا، بُني يوم 15 من جمادي الثاني عام 665 هـ، والموافق 13 من مارس عام 1267، بأمر الملك الظاهر بيبرس البندقداري واستكمل بناء المسجد في شهر شوال سنة 667هـ، الموافق يونيو 1269 ويبلغ طوله 108 أمتار، وعرضه 105 أمتار وأيضا يأتي على مساحة ثلاثة أفدنة، وطول ضلع قبته 20 مترًا.
بعد الدخول من البوابة الرئيسة يوجد مجموعة من حراس المسجد يجلسون على الكراسي يراقبون ما يدور حولهم، مرحبين بكل الزوار وعلى وجههم علامات السعادة والفرحة، عقب عبورها يوجد فتحات عديدة للمسجد ذات أمتارطويلة، تشبه بوابات جامع الأزهر الشريف يتوسطها ما يسمى بـ«صحن المسجد» مطلي باللون الذهبي ويظهر عليها علامات الترميم والتجديد.
كل فتحة يوجد بها ركن لأداء الصلاة مفروشة بالسجاد الأحمر الذي يلمع من كثر نظافته، بإضافة إلى المأذنه ذات اللون البني ومتوسطة الطول يصعد عليها المؤذن ليقيم خطبة الجمعة، بالإضافة إلى سقف المسجد الخشبي ذات اللون البني أيضًا، وجدرانه التي تزين بالزخف المملوكي.
كواليس ترميم مسجد الظاهر بيبرس
حكايات وكواليس عديدة رصدتها «الوطن» أثناء زيارتها للمسجد الظاهر بيبرس بالقاهرة بعد ترميمه الذي دام لمدة 3 سنوات وأعيد افتتاحه قبل 3 أيام والتي كشفها أحد العمال، ومنهم «عبد العزيز محمد» الذي اختار أن يعمل في المسجد بدلًا من العمل في مجال الهندسة بعد تخرجه منها، وذلك منذ أكثر من 10 سنوات قائلا: «أنا اختارت اشتغل في المسجد ومفكرتش في يوم أني اشتغل في مكان تاني غيره».
تحدث «عبدالعزيز» عن حالة المسجد قبل الترميم وبعدها، إذ كان متهالك الجدران وتحول إلى تحفة معمارية: «الفرق كبير جدا بين شكل المسجد دلوقتي بعد الجدران كلها كانت متهالكة والصحن اللي في النص ده كان كلوا مياه وزرع و كان مصنع للصابون والحملة الفرنسة كانت عملاه مستعمر ليها وكان محمد علي عامله معسكر لجنوده».
جهود كثيرة بذلها عمال المسجد أثناء سنوات الترميم بجانب جهود الدولة، فكل عمال المسجد اصطفوا يدًا واحدة لترميمه: «الكل كان بيساهم في الترميم وكانا بنحاول على قد ما نقدر نحافظ على تراث المسجد»، بحسب حديثه، مشيرا إلى أن الفرحة والسعادة عمت على الجميع بعد ترميم المسجد بالشكل المطلوب والحفاظ على شكله التراثي.
أما الشيخ «محمد» مؤذن المسجد منذ عام 2000 الذي عبر عن مدى سعادته وفرحة أهل المنطقة للافتتاح المسجد ورغم أنه قد بصره إلا أنه كان حريصا على أداء واجبه في المسجد: «كنت دايما بقيم الشعائر بتاع المسجد ومش بنوقف عن إقامتها حتى وقت الترميم».
وأشار إلى أن العمال المكلفين بترميم المسجد لم يقاطعوهم عن إقامة شعائر الصلاة، موضحًا: «الأشخاص اللي مكلفين بالترميم كانوا في بيسمحولنا بصلاتنا وهما كانو بيكملوا شغلهم من غير ما يوقفونا»، موجها الشكر لكافة المسئولين عن الترميم.
سر صور الزي المغولي
وعن سر صور الزي المغولي في افتتاحه، كشف فتوح عزب صاحب الـ61 عاما ومن ضمن الأشخاص المتردديين إلى المسجد دائما، وأيضا شهد افتتاحه والتقط صورا مع الأشخاص الذين يرتدون الزي المغولي قائلًا: «الشباب اللي كانوا لابسين الزي المغولي دول كانوا جاين من بلدهم كازخستان بلد الظاهر بيبرس وكانوا لابيسن الزي ده عشان هو من العادات والمراسم بتاعتهم وكمان عشان المسجد بالنسبة ليهم مكان تراثي كبير واتصورنا معاهم».
وأضاف: «حسيت اني روحي رجعلتي أنا عمري كله في المسجد ده من وقت ما كنت شاب وكانت شغلي جنب المسجد ده وباجي أصلي هنا دائما».