باب قديم مصنوع من الخشب العتيق، مكون من ضلفتين بها مربعات زجاجية، تعلوه لافتة مدون عليها عدة كلمات بخط أنيق، بمجرد أنّ تفتح الباب، تشعر وكأنك عدت إلى عام 1940، حيث التليفون «القرص» والأريكة التي توحي بأن بالفعل في حقبة مختلفة، في محل «المقدس تقاوي أبادير»، عالم آخر من روائح الزمن الجميل، فعلى الرغم من أنه في شارع «باب البحر» بمنطقة رمسيس، الذي يعج بالزبائن طوال الوقت، إلا أنّ الزمن لم يؤثر فيه على الإطلاق وظل محافظًا على تجارة السمن والزبدة البلدي لأجيال متعاقبة.
برائحة قوية تخترق الأنوف وتجعلك تشعر بالحنين إلى الماضي، وقف إبراهيم زكي داخل أقدم محل للمسلى البلدي في منطقة باب البحر، في يده جريدة صغيرة يقرأها بإمعان بينما يختلس النظر بين الحين والآخر إلى الشارع، وما أنّ يلمح الزبون قادمًا إليه، يضع الجريدة جانباً ويستقبله باحترام ويلبي له ما يريد من السمنة والزبدة البلدي: «المحل من الأربعينات، وتعاقبت عليه 5 أجيال مختلفة، كلهم بيوروثوا المهنة لبعضهم، هنا أصل السمنة البلدي لعشاق الزمن الجميل»، هكذا تحدث لـ«الوطن».
«زكي» بدأ عمله في بيع المسلى البلدي منذ 4 سنوات
يحكي الرجل الستيني، أنه يعمل في المحل منذ 4 سنوات بعد بلوغه المعاش، واستهوته مهنة بيع المسلى البلدي: «السَمنة بتجيلنا من المنيا والزبدة من أسيوط، بنخزنها ونعتقها في صفايح، وبنبيع منها على حسب رغبة الزبون، وفي بعض الأحيان بنبيع بالصفيحة بس لازم تكون بالطلب».
«موسم بيع الزبدة بيكون في الشتاء، لأن السيدات بيشتروها علشان يسيحوها ويخزنوها»، تختلف زبدة الشتاء عن الصيف، بحسب طبيعة المرعى، إذ تتغذى الماشية في الشتاء على البرسيم، أما في الصيف يكون طعامها معتمدا فقط على العلف: «السمنة البلدي ريحتها بتظهر في الأكل، وبتعمل طبقة قوية لما تتخزن، وبيجمدوا بسرعة، لكن المخلوطة بتكون عرضة للفساد بسرعة وملهاش ريحة قوية».
أسعار السمنة والزبدة البلدي
يبيع الرجل الستيني كيلو الزبدة بـ170 جنيهًا و السمن البلدي بـ220 جنيهًا، مشيرًا إلا أن «البلدي» لن يندثر أبدًا، لأنه له عشاقه وجيله الخاص: «دي حاجة عمرها ما هتموت، ممكن شغلها يقل آه لكن مش هتختفي».