تضم مدينة سانت كاترين كل ما يعود للماضي برائحته العطرة تاريخيا، ولذلك يطلق عليها المدينة التاريخية بجانب قدسيتها الدينية، ومن أهم الأماكن التاريخية استراحة الرئيس محمد أنور السادات، التي كانت بمثابة مكان للاستجمام والإقامة والتعبد والاعتكاف في شهر رمضان، كما كانت شاهدا على العديد من لقاءات السادات بمشايخ سيناء ومسئولي المحافظة.
مقتنيات استراحة السادات بوادي الراحة بسانت كاترين
يقول هشام محمد حسين، المشرف العام على أثار جنوب سيناء، «تبلغ مساحة الاستراحة 70 مترا مربعا بارتفاع 2 متر وبنيت بالأخشاب وطليت بورق الحائط وتضم ثلاث غرف، اثنان منهما للنوم ويضم كل منهما سريرا حديديا مزودا بعمران ويوجد بإحداهما المدفأة الكهربائية الخاصة به وجهاز التلفاز القديم المصنوع من الخشب محمول على منضدة خشبية به، وغرفة مكتب تضم المكتب ومقاعد خشبية وعلي المكتب نجد البايب وراديو وكاميرا وكنكت القهوة وسبرتاية والتليفون الأرضي، وكان يتم إضاءة الاستراحة بمولد كهربائي ونجد مطبخا يحوي الحوض فقط دون أي أثاث مطبخي وحمام وصالة الاستراحة تضم كنبة من الحديد وسجادة الصلاة والمصحف الخاص به».
الاعتكاف وأخذ القرارات الحاسمة من داخل وادي الراحة
وأضاف هشام، «كان الرئيس السادات يقضي دائما العشر الأواخر من شهر رمضان بها بهدف الاعتكاف وكان يلجأ لاستراحته أوقات التفكير والتعمق قبيل أخذ القرارات الحاسمة وكان يحرص أن يجلس بها متربعا على الأرض ليشعره برجوعه لنشأته بقرية ميت أبي الكوم بمحافظة المنوفية».
الصور واللوحات التي تجسد التاريخ
وأضاف «يوجد صور تجسد الذكريات الطيبة للرئيس السادات بالاستراحة مثل صورة تجمع بين الشيخ عبد الحليم محمود شيخ الجامع الأزهر في ذلك الوقت وكبار رجال الدولة مع الرئيس السادات بعد صلاة العيد وصور تمثله أثناء خلوته بوادي الراحة وتمثال له من البرونز وصور مكبرة بالزي العسكري وبالبيجامة البيتي وصوره أثناء الصلاة».
فكرة إنشاء استراحة السادات
وقال خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان «جاءت فكرة إقامة الاستراحة الخاصة بالرئيس السادات بعدما استلمت مصر مدينة سانت كاترين يوم 25 نوفمبر سنة 1979 حيث زار المدينة ومعالمها التاريخية ومنها دير سانت كاترين وأعجب بامتزاج رموز الأديان السماوية حيث تجاور المسجد الذي أنشأ في عهد الخليفة الفاطمي بكنيسة التجلي بمكان واحد مع الشجرة العليقة المقدسة التي ناجى نبي الله موسى ربه فاتجه إلى وادي الراحة حيث بني الاستراحة الخاصة به حيث البقعة الطاهرة بالوادي المقدس طوى، حيث زار تلك البقعة الشيخ محمد متولي الشعراوي الذي خلع نعليه ابتداء من وادي الراحة وصولا للوادي المقدس ووجه نصا للرئيس السادات: هذا مكانك المبارك».
تطوير استراحة السادات من قبل وزارة الثقافة
وأضاف ريحان، «عقب وفاة الرئيس السادات أصبحت الاستراحة مزار سياحي تاريخي وقامت وزارة الثقافة بتطويرها مع الاحتفاظ بمقتنيات الزعيم الراحل السادات لتصبح من المزارات السياحية بالمنطقة ودعم المنطقة المحيطة بها لتصبح حديقته بالفعل افتتاحها في أكتوبر سنة 2019 في أثناء احتفالية ملتقى الأديان هيا نصلي معا بعدما تعرضت للإهمال على مدار 37 عاما».
شيخ قبيلة الجبالية يروي علاقة مشايخ البدو بالرئيس الراحل
وقال الشيخ أحمد راشد الجبالي، مستشار دير سانت كاترين للشؤون القبلية لسيناء والشيخ قبيلة الجبالية لـ«الوطن»، «زار الرئيس السادات مدينة سانت كاترين يوم 25-11-1979 وشاركناه الاحتفالية وهذه الاستراحة تروي وترصد حياته ويوجد بالاستراحة متعلقاته الشخصية وكان تواجده معنا يمثل الأمن والأمان ورمزاً للقبائل البدوية وجُدِّد الاستراحة لتضيف إلى مزارات سانت كاترين مزار جديداً يعكس جزء من حياة الرئيس السادات بطل الحرب والسلام».
زيارات الرئيس السادات لمدينة سانت كاترين
وقال هشام كامل، مدير علاقات عامة مجلس مدينة سانت كاترين، لـ«الوطن»، «بعد توقيع معاهدة السلام مارس 1979 كانت مدينة سانت كاترين من أوائل المدن التي اُسْتُلِمَت في 19 نوفمبر 1979 بعد استلامها وزارها السادات ورفع العلم المصري بها وصلى وكل مرافقيه بهذا المكان وزار دير سانت كاترين والتقى مطران الدير للأنبا ديمتري ديمانيوس، وتجول داخل الدير من مكتبه وكنيسة ولكنه لفت نظره تعانق برج الكنيسة ومأذنة المسجد المحتضنة لشجرة العليقة ومن هنا جاءت فكرة إنشاء مجمع الأديان حيث أمر الرئيس السادات المهندس حسب الله الكفراوي وزير التعمير والإسكان حينها ببناء الاستراحة ومنح المطران الجنسية المصرية لدوره العظيم في حرب أكتوبر وكانت الزيارة الثانية أول أغسطس سنة 1980».
وأضاف، «استقبله مشايخ القبائل وكان يلتقي المشايخ لسماع بطولاتهم مع تكرار الزيارات وكان يصعد بالجلوس في الشرفة حيث كان يرى منها معالم سانت كاترين البقعة المقدسة فهي من أقدس ثلاث بقاع على مستوى العالم وأمر اللواء خالد فوده محافظ جنوب سيناء بترميمها مع الاحتفاظ بالمقتنيات والديكور القديم وكانت الزيارة الأخيرة له أواخر يوليو 1981 في العشر الأواخر من رمضان».