السيدة العذراء تطل شامخة بأكبر تمثال من البرونز بمصر بنهاية طريق العائلة المقدسة الآثري بدرنكة بأسيوط، وسط إعجاب الكثير من الزوار الذين أبدوا دهشتهم من حجم التمثال ومواصفاته الفنية، إذ يبلغ طول التمثال 9 أمتار أي ما يقارب 3 أدوار، وعرضه 4 أمتار ويزن ما يزيد عن 10 أطنان، حتى شبهه البعض بمزار سيدة حريصا الشهير بلبنان.
جرى الإعداد للتمثال منذ عامين
تمثال السيدة العذراء جرى الإعداد له منذ عامين وجرى نحته على الفوم باستخدام أكثرمن 200 من الفوم السائل مع أكثرمن 50 مترا من الفوم، والانتهاء منه وتقطيعه إلى 20 جزءا وإرساله إلى القاهرة ليتم عمل قالب له وعمل نسخة منه من البرونز بمسبك الالوسي بـ 6 أكتوبر بالقاهرة لصاحبه العراقي أنس الألوسي وأخيه صهيب، وشارك بصنعه مسلمون عملوا على مدار ساعات اليوم على مدار 3 أشهر مدة صنع التمثال.
تمثال السيدة العذراء جرى نحته بطلب من نيافة الأنبا يؤانس مطران أسيوط، رئيس الدير بحسب ما أكد دكتور جرجس الجاولي أستاذ النحت الميداني والفراغي ورئيس قسم النحت السابق بكلية الفنون الجميلة جامعة المنيا، الذي نحت التمثال في حديثه لـ«الوطن».
وكان الأنبا يؤانس كان قد جهز قاعدة صغيرة بالبداية في أحد جوانب الدير، وعندما تعرف على الدكتور جرجس خلال عمله بتطوير المغارة بالدير قرر زيادة حجم التمثال بعدما شاهد أعمال «الجاولي» الفنية السابقة، وتطلع إلى نحت تمثال للسيدة العذراء بحجم عملاق، وجرى رفع التمثال بواسطة ونش عملاق، ليستقر وضعه في كنيسة العذراء الملكة في درنكة بأسيوط، آخر نقاط مسار العائلة المقدسة وأطول فترة مكثت فيها العائلة المقدسة طوال رحلتها في مصر.
يوم مميز بحياة «الجاولي» عندما تم وضع أمس أكبر تمثال للسيدة العذراء الملكة بديرها في درنكة، بحضور الأنبا يؤانس أسقف أسيوط وتوابعها، وسط احتفال بهذه المناسبة، ودق أجراس الدير والكنيسة.
وعن بداية حبه للنحت يروي «الجاولي» أن إعجاب مدرس التربية الفنية بمدرسته بأسيوط بتمثال بحجم اليد صنعه من الحجر الجيري على شكل رأس أبو الهول بالمرحلة الابتدائية وراء حبه للنحت، خاصة بعد أن قام المدرس بوضعه بفناء المدرسة «الحوش»، وأصبح يزهو بنفسه وسط أقرانه كلما مر بالفناء، ليتطور الأمر لصنع الكثير من التماثيل بالمراحل الدراسية التالية لينحت بورتريهات من الحجر الجيري لوالده ووالدته.
اكتشف خامة الحجر الفرعوني
مرحلة أخرى من إبداعه بالنحت كانت باكتشافه خامة الحجر الفرعوني، الذي كان يتميز بسهولة نحته مقارنة بالحجر الجيري الموجود بالبيئة، بحسب ما ذكر أستاذ النحت، لافتًا إلى أنه استهدف دراسة الفنون الجميلة وساعده والديه على قراره رغم الانتقادات التي كانت تحيط بالكليات الفنية ببداية تسعينيات القرن الماضي، وبعد عام واحد من التحاقه بالكلية تمكن من العمل بأحد أكبر الشركات المتخصصة بنحت الأعمال التراثية بالعاصمة والتي كانت تشارك بأكبر المعارض الدولية باليابان وفرنسا والبرازيل وكافة دول العالم.
وتمكن خلال هذه الفترة من المشاركة في نحت العديد من الأعمال الفرعونية المهمة كالمشاركة في صنع نموذج مماثل لمقتنيات توت عنخ أمون وأخناتون ورمسيس، «عملنا القطع باستخدام الفايبر GRP، أو الخشب للتوابيت والتماثيل وقطع الأثاث وأسرة».
أعمال عديدة مهمة شارك بها «الجاولي»، بعمر صغيرة منها مشاركته بعمل كافة التماثيل الخاصة بعرض أوبرا عايدة عند سفح الأهرامات عام 1997، وقت كان حديث التخرج، كما أنه قام بنحت تمثال لأنطونيوس مؤسس الرهبنة بمصر العالم، والذي تم وضعه بأقدم دير بالعالم الموجود بالبحر الأحمر، إضافة إلى نحته تماثيل لشهداء ليبيا والتي نالت شهرة واسعة.
وعن الخطوات القادمة قال أستاذ النحت، إنه يستعد لعمل كبير فضل عدم ذكر تفاصيله ليكون مفاجأة بالفترة المقبلة، «كان نفسي والدي ووالدتي يشوفوا نجاحي وكان نفسي يشوفوا ثمرة تعبهم ودعمهم لي، الأسرة كانت هي الأساس».