يبدو أن العلاقات الفرنسية المغربية تقترب في الوقت الحالي من آخر محطات “الجمود الرمادي” الذي عاشته طيلة شهور، مع ظهور مؤشرات عديدة قد تعيد الحياة الدبلوماسية بين الرباط وباريس.
وفي أولى المؤشرات على ذلك استقبال وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، اليوم الجمعة، المدير العام للوكالة الفرنسية للتنمية، ريمي ريو، حيث من المتوقع أن تكون المشاريع الاستثمارية في المغرب موضوع النقاش.
وقال مصدر من السفارة الفرنسية بالمغرب لهسبريس إنه “لا مانع أمام تبادل الزيارات بين المسؤولين المغاربة والفرنسيين، سواء في الوقت الحالي أو سابقا”، مشيرا إلى أن “كثافة هاته الزيارات هي التي من المتوقع أن تزداد”.
وتشكل عجلة الاقتصاد أهم الركائز التي تجمع المغرب وفرنسا، فيما ساهم الرئيس ماكرون بسياسته وفق تقارير متطابقة في “عرقلتها”، واليوم يبدو أنها ستسير إلى الأمام من جديد لتساهم في إعادة العلاقات بين البلدين إلى مستوياتها المعهودة.
وكان الفاعلون الاقتصاديون في المملكة المغربية جزءا من الرد المغربي على سياسة ماكرون، إذ سبق أن أجل الاتحاد العام لمقاولات المغرب لقاء له مع حركة مقاولات فرنسا بسبب الأزمة بين باريس والرباط.
وقتها كان الحديث عن وصول الأزمة بين البلدين إلى الشق الاقتصادي، لكن شكيب لعلج، رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، يقول: “إن العلاقات بيننا وحركة مقاولات فرنسا طالما كانت جيدة وستبقى كذلك”.
وبخصوص موضوع اللقاء الذي تم تأجيله أضاف لعلج لهسبريس أن “الموعد لم يتم تحديده بعد”، فيما أشار مصدر آخر من داخل “الباطرونا” إلى أن “الظروف والعوامل التي تساهم في إجراء اللقاء غير متوفرة في الوقت الحالي”.
ومن المؤشرات السياسية التي تضع العلاقات المغربية الفرنسية أمام بوابة الانفراج “تجديد موقف باريس من دعم مخطط الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، وحديث السفير الفرنسي بالرباط عن ضرورة المضي قدما في هذا الموقف”.
السفير الفرنسي الذي تحدث إلى القناة الثانية العمومية بين أن “أزمة التأشيرات انتهت، كما أن القيود التي كانت أمام المغاربة تم رفعها بشكل نهائي”.
ويرى مصطفى كرين، محلل سياسي مختص في العلاقات الدولية، أن “علاقات باريس والرباط تعرف صعودا ونزولا، وهنا يجب أن نفرق بين علاقات المملكة بالدولة العميقة وعلاقاتها مع حكومة ماكرون”.
وأضاف كرين لهسبريس أن “العلاقات بين باريس والرباط لا يمكن أن تتوقف، ومن المستحيل أن تستمر في التدهور أو الاستغناء عنها بسبب الروابط الاقتصادية والثقافية والسياسية والاجتماعية”.
“كل حكومة فرنسية تأتي ببرنامج خاص بها، وفي بعض الأحيان تكون تصوراتها مضرة بالمغرب، ما يستدعي الرد من أجل تصحيحها”، يتابع المتحدث ذاته، مبينا أن “العلاقات الاقتصادية والمصالح الجيوسراتيجية متشابكة بين البلدين ولا يمكن أن تحدث قطيعة”.
ويشير المحلل السياسي ذاته إلى أن “باريس ستواصل دعمها مخطط الحكم الذاتي المغربي، لكنها لن تعترف بمغربية الصحراء بسبب رغبتها في الحفاظ على مصالحها بالجزائر”، وزاد: “هذا الطرح هو الأكثر واقعية في الوقت الحالي، فلا يمكن أن ننتظر كما نرغب جميعا وجود اعتراف فرنسي صريح بمغربية الصحراء، لكن باريس وهذا أمر مؤكد وواضح ستواصل مساندة موقف المملكة من خلال دعم مخطط الحكم الذاتي المقدم سنة 2007”.
وشدد كرين على أن “حكومة ماكرون محرجة من تصاعد قوة المملكة المغربية، وتحولها إلى دولة صاعدة بالمنطقة، ما يهدد استمرار هيمنة فرنسا بالمنطقة”.
المصدر: وكالات