علاقات و مجتمع
مجموعة من الآلام والأوجاع التي تعرف عليها أطفال غزة لأول مرة منذ أسابيع بعد بدء عدوان قوات الاحتلال عقب 7 أكتوبر الماضي، فبعد شعور الدفء والبيت والعائلة، عرفوا وجع فقد العائلة والإصابة والتشريد، مع مشاعر الفزع والخوف والارتجاف من مدافع الدبابات وقذائف الطائرات، ليكتمل المشهد المظلم بما هو أكثر قسوة بعدما نهش الجوع والعطش أطفال فلسطين.
بوضع وصف بالإبادة الجماعية المتعمدة من قوات الاحتلال لسكان غزة، أعلنت بلدية غزة، عبر صفحتها الرسمية، أن ما يتم توفيره من المياه يعادل نحو 5% فقط من المعدل الطبيعي، وأنها اضطرت لإجراء تقليصات أخرى على خدمة جمع النفايات في المدينة وسيتم تركيز الخدمة على المستشفيات ومراكز الإيواء بسبب شح الوقود.
%5 فقط من معدل الماء الطبيعي
وهذه التقليصات في خدمة جمع النفايات تم بدء العمل بها بهدف المفاضلة في الخدمات وإتاحة الفرصة لتشغيل عدد محدود من آبار المياه بهدف توفير ما يمكن من المياه والتقليل من حالة العطش التي تشهدها غزة بحسب ما ذكرت بلدية غزة، لافتة إلى أن عدد الآبار التي كانت تعمل قبل بدء العدوان تبلغ نحو 80 بئرا تقلصت إلى 43 بئرا نتيجة العدوان ثم تقلصت حاليا لنحو 25 بئرا فقط وتعمل لساعات محدودة جدا تصل لثلاث ساعات يوميا بحد أقصى.
حالة عطش واسعة في غزة
نتج عن شح المياه في غزة حالة عطش واسعة حيث يتوفر للمواطن في المدينة نسبة تقل عن 5 % من المعدل الطبيعي لاستهلاك المياه للفرد والتي تصل لنحو 80 لترا في اليوم بالحد الأدنى حسب المعايير الدولية، وفقا لبلدية غزة.
طرق بدائية للحصول على الماء
عدد من الفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر مشاهد قاسية لتغلب أهالى غزة على نقص المياه منها استخدام مياه البحر في الاستحمام والشرب، ومنها خلط مياه البحر بالسكر، وبعضها استخدام سكان غزة لطرق بدائية لاستخراج المياه من الآبار.
أهمية الماء النظيف
الماء عنصر غذائي مهم وضروري لبقاء الحياة وتطورها، كونه يلعب أدوارا مهمة في العمليات الفسيولوجية المختلفة بالجسم، بما في ذلك الحفاظ على الضغط وتوازن سوائل الجسم، والمشاركة في عملية التمثيل الغذائي في الجسم، حيث تحتاج كل خلية وأنسجة وعضو في الجسم إلى الماء لتعمل بشكل صحيح، وهو ضرورى للخلاص من الفضلات من خلال التبول والتعرق والأمعاء، إضافة الى انه يحافظ على درجة حرارة الجسم، كما يعمل الماء على تليين المفاصل وتلطيفها، وفقا للدكتور مجدي بدران عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة.
لكن ملايين الفلسطينيين على وشك مواجهة الجفاف وخطر الإصابة بالأمراض المنقولة بالمياه في ظل أزمة المياه المتصاعدة مع استمرار قوات الاحتلال في حجب الإمدادات الأساسية، وفقا لـ «بدران» في حديثه لـ «الوطن»، لافتا إلى أن تناول كمية غير كافية من الماء له آثار سلبية على الأداء المعرفي والنشاط البدني، كما أنه يزيد من خطر الإصابة بأمراض المسالك البولية والقلب والأوعية الدموية.
حياة الأطفال مهددة بسبب تلوث الماء
أطفال غزة الذين تقل أعمارهم عن 15 عاما هم أكثر عرضة للوفاة بسبب الأمراض المرتبطة بالمياه غير الآمنة والصرف الصحي، أما الأطفال دون سن الخامسة معرضون أكثر من 20 مرة للوفاة بسبب الأمراض المرتبطة بالمياه غير الآمنة والصرف الصحي مقارنة بالعنف المباشر، بحسب «بدران».
والحروب تزيد من تلوث المياه حتى المياه الجوفية، بالمعادن الثقيلة مما يسبل اضطرابات خطيرة في الجهاز التنفسي للأفراد بحسب ما كشف عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة، لافتا إلى أن غياب غسل اليدين تعرض ملايين من الفلسطنيين لخطر متزايد للإصابة بالأمراض المعدية.
ويمكن أن تكون الأيدي المتسخة ناقلا للعديد من التهابات الجهاز الهضمي، مثل الإسهال، والتهابات الجهاز التنفسي، مثل الأنفلونزا، يمكن أن تسبب هذه الأمراض المعدية مضاعفات خطيرة، خاصة للأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة.
نتيجة الافتقار إلى المياه النظيفة والصرف الصحي المناسب، بسبب الهجمات العشوائية لقوات الاحتلال التي استهدفت تدمير البنية التحتية أصبح هناك صعوبة توفير المرافق والخدمات للتخلص الآمن من البول والبراز البشري، وهو ما يعرض مستقبل الأطفال لخطر وشيك، بحسب عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة.
الأمراض المعدية المنقولة بالمياه
10 أمراض يمكن للمياه الملوثة أن تنقل أمراض بحسب «بدران» مثل :
الإسهال
والكوليرا
والدوسنتاريا
والتيفوئيد
وشلل الأطفال
والأنتاميبا
والتهاب الكبد والتهاب المعدة والأمعاء
وداء الجيارديات
والجرب
وعدوى الديدان.
يمكن أن تسبب الأمراض المنقولة بالمياه مجموعة متنوعة من الأعراض، بحسب عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة، منها الإسهال والقيء والجفاف، وهما أكثر الأعراض شيوعا للأمراض المنقولة بالمياه، إلا أن الأعراض الأخرى يمكن أن تشمل مشاكل في الجلد أو الأذن أو الجهاز التنفسي أو العين، وفيما يلي أهم الأعراض:
الجفاف
يعنى قلة البول إذا كان الجفاف شديدا، قد يشعر المرضى بالارتباك أو يشعرون بالدوخة، ويعد الجفاف شائعا بشكل خاص بين كبار السن لأن مركز العطش لديهم قد لا يعمل بشكل جيد كما هو الحال لدى الشباب، ويمكن لبعض الاضطرابات، مثل داء السكري، أن تزيد من إفراز البول، وبالتالي خطر الجفاف.
وقد ينخفض ضغط الدم، مما يسبب الدوخة أو الإغماء، خاصة عند الوقوف، إذا استمر الجفاف، تحدث صدمة وأضرار جسيمة للأعضاء الداخلية، مثل الكلى والكبد والدماغ يمكن أن يؤدي الجفاف الشديد إلى الغيبوبة والموت.
خلايا الدماغ معرضة بشكل خاص لمستويات أكثر شدة من الجفاف، ويمكن أن يؤدي إلى فقدان الذاكرة، كما يؤدي الجفاف لفترة طويلة إلى تقلص خلايا الدماغ في الحجم والكتلة، ويمكن أن تشمل الأعراض العقلية للجفاف الاكتئاب والتعب بعد الظهر ومشاكل النوم وعدم القدرة على التركيز ونقص الوضوح العقلي، وضباب الدماغ، حيث الماء ضروري أيضا لإنتاج الهرمونات والناقلات العصبية في الدماغ.
الإسهال
هو الأكثر شيوعا بين جميع الأمراض التي تنتقل عن طريق المياه، ويصيب الإسهال بشكل رئيسي الأطفال دون سن الـ 5 سنوات وعادة ما يستمر لمدة أسبوعين ويمكن أن يصبح مميتا إذا لم يتم علاجه.
الكوليرا
تنجم الكوليرا بشكل رئيسي عن بكتيريا عن طريق استهلاك الأطعمة الملوثة أو مياه الشرب، وتشمل الأعراض الإسهال والقيء والحمى وتشنجات البطن، تحدث الكوليرا في الغالب عند الأطفال ولكنها يمكن أن تؤثر أيضا على البالغين، وتسبب معدلات وفيات مرتفعة بشكل مثير للقلق بين الأمراض التي تنقلها المياه.
تأثير المياه الملوثة على مستشفيات غزة
يمكن أن يكون لفقدان المياه النظيفة الوفيرة تأثير كبير على مستشفيات غزة ومرافق الرعاية الصحية الأخرى، وقد يؤدي فقدان المياه أيضا إلى إتلاف المعدات الطبية والبنية التحتية الحيوية أو جعلها غير صالحة للتشغيل، وإلى إصابة مرضى المستشفيات العامة بالعدوى، كما تهدد هذه المشكلة مرضى المستشفيات والفشل الكلوي، وانقطاع المياه في المستشفيات يهدد حياة مرضى غسيل الكلى.