كشف وزير دولة للاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي وتطبيقات العمل عن بعد مدير مكتب رئاسة مجلس الوزراء عمر سلطان العلماء، أن دولة الإمارات تستقطب 50% من رؤوس الأموال العالمية التي تستثمر في الاقتصاد الرقمي بمنطقة الشرق الأوسط، كما أنها تحتضن أكبر عدد من الشركات المليارية المتخصصة في هذا المجال، وتطمح لتكون الأفضل عالمياً في الاقتصاد الرقمي.
وأضاف أن الإمارات قطعت شوطاً استثنائياً في مجال الذكاء الاصطناعي، إذ أدركت مبكراً أن الإنسان أساس التطور والبنية التحتية لهذا القطاع المهم، وعكفت على مدار ست سنوات على إعداد قادة مؤهلين، حتى بلغ عدد المسؤولين الحكوميين الذين على دراية بالذكاء الاصطناعي 400 مسؤول، بالإضافة إلى 100 ألف شاب من فئات عمرية ومراحل دراسية مختلفة، شاركوا في مخيم الإمارات للذكاء الاصطناعي، وأصبح لديهم قدر من العلم في هذا المجال.
وكشف خلال حلقة خاصة في ضيافة «مجالس الأمين» بالتعاون مع مؤسسة دبي للإعلام ومجالس أحياء دبي، عن تطوير أكبر منصة مفتوحة المصدر للذكاء الاصطناعي في العالم من داخل دولة الإمارات باسم «فالكون».
وقال العلماء، إن دولة الإمارات كانت سباقة في استشراف المستقبل، وإدراك أهمية قطاع الذكاء الاصطناعي، فعملت على أن تكون جزءاً منه، مقارنة مع دول أخرى تعاملت مع متغيراته فقط.
وأضاف أن الزخم تضاعف حول الذكاء الاصطناعي بداية من عام 2017، إذ كان مجرد تقنية مستقبلية، وتحدث العالم عن أهميته لكن قطعت الإمارات شوطاً مختلفاً، بتخصيص وزارة لهذا القطاع، وتطوير بنية تحتية أساسها الإنسان.
وأوضح أن الدولة قضت السنوات الثلاث الأولى في وضع الأطر اللازمة والمشاريع لتطوير كفاءات إماراتية، وأطلقت برامج تخصصية، أبرزها مع جامعة أكسفورد يعتمد على ابتعاث خبراء لدى الجامعة في مسيرة تعليمية تستمر ثمانية أشهر، لدراسة الذكاء الاصطناعي، ومعطياته، والأمور التقنية المرتبطة بكيفية قراءة الخوارزميات، ورصد السلبيات.
وأشار إلى أنه لا ينسى ذات مرة، أصر فيها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، على تفقد ورشة تعليمية لمسؤولين حكوميين حول الذكاء الاصطناعي، وسأل عما إذا كانت لديهم معرفة بكيفية برمجة هذه التقنية، فأجبته بأن هذا ليس أمراً سهلاً، لكن أصر سموه على ضرورة وجود دراية لديهم بذلك، حتى لا يعتمدوا على الآخرين في تأسيس وتطوير هذه الأنظمة، مؤكداً أن المستقبل يجب أن نصنعه بأنفسنا.
وتابع العلماء أن مخرجات الجهد المكثف في مرحلة التأهيل والإعداد أسفرت عن وجود 400 مسؤول في حكومة الإمارات الآن، لديهم دراية بالذكاء الاصطناعي، فضلاً عن أن أكثر من 100 ألف شاب انضموا إلى مخيم الإمارات للذكاء الاصطناعي، وسيكونون نواة لإحداث طفرة في هذا المجال.
ولفت العلماء إلى أن مرحلة البناء اشتملت كذلك على إطلاق أول جامعة متخصصة في الدراسات العليا للذكاء الاصطناعي، تحمل اسم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، ما يعكس الأهمية القصوى التي توليها الدولة لهذا التخصص، مؤكداً أن الإمارات لن تتبع أحداً، بل ستصنع وتقود هذا الحراك.
وحول النتائج التقنية للجهد المبذول منذ عام 2017، قال العلماء، إن كثيرين يتحدثون عن منصة تشات جي بي تي، لكنها منصة مغلقة المصدر، فيما جرى داخل الإمارات تطوير أكبر منصة ذكاء اصطناعي مفتوحة المصدر، متاحة للاستخدام العالمي، وتستغلها كثير من الشركات هي منصة «فالكون».
وأضاف، أن ما أنجزته الإمارات منذ انطلاقها في هذا القطاع قبل أربع سنوات، لم تحققه دول بدأت قبل سنوات طويلة، وكانت أكثر تقدماً، مؤكداً أن طموحنا كبير على المستوى العالمي وليس الإقليمي فقط.
وحول التحديات التي يواجهها قطاع الذكاء الاصطناعي في الدولة، أوضح العلماء أن أبرز التحديات هو تمكين الأفراد والمجتمع من استخدام الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى أن دراسة متقدمة انتهت إلى أن المجتمع الإماراتي من أكثر المجتمعات استخداماً للذكاء الاصطناعي، ولا يقتصر ذلك على الفئات العمرية الشابة أو الصغيرة فقط، بل الأعمار الأكبر سناً.
وأشار إلى أن الدولة تحرص على توفير ضمانة لاستفادة المواطن والمقيم بالدولة من الذكاء الاصطناعي، لذا توفر برامج تعليمية وتثقيفية ومنصات رقمية للتدريب والتأهيل، ومن ثم لا يوجد عذر لأحد، وما نسعى إليه دائماً هو تحفيز الناس على ريادة الأعمال في هذا القطاع.
وتابع أن من التحديات كذلك، تحديد ما إذا كانت القرارات التي تتخذها الآلات صائبة أم مخطئة، وهذا يعتمد على المدخلات وضمان دقة البيانات وسلامتها، وحماية النظام.
وحول المخاوف من تأثير الذكاء الاصطناعي في الوظائف، وتقليل الاعتماد على العنصر البشري، أوضح أن هذا سؤال متكرر، لكن الواقع أن هناك مئات الوظائف التي استحدثت بفضل الذكاء الاصطناعي، وفي النهاية من يعجز عن مسايرة المستقبل لن يكون جزءاً منه.
وقال وزير دولة للاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي وتطبيقات العمل عن بعد عمر سلطان العلماء، إن الدولة حرصت على تطوير منظومة التشريعات المرتبطة بهذه المجالات، فكانت أول من تنبه إلى مخاطر التزييف العميق، وطورت دليلاً للتعامل معه، مشيراً إلى أن التشريعات في نهاية المطاف يجب أن تحمي المستخدم وتضمن استمرار البحث والعمل، دون أن تكون سبباً في منع التقنية أو عرقلة تطورها.
وحول وضع الدولة فيما يتعلق بالاقتصاد الرقمي، أفاد العلماء بأن الإمارات تستقطب 50% من رؤوس الأموال التي تحصل عليها منطقة الشرق الأوسط في مجال الاقتصاد الرقمي وتحتضن أكبر عدد من الشركات المليارية المتخصصة في هذا القطاع.
وتابع «نحن سباقون في قطاع الاقتصاد الرقمي، ولدينا بنية تحتية متميزة، ولا نهدف إلى المنافسة إقليمياً فقط، لكن نسعى لتصدر موقع ريادي عالمياً.
وفيما يتعلق بمنظومة العمل عن بعد، قال العلماء «إن الدولة انتقلت من المنصات التقليدية للعمل خلال جائحة كورونا إلى مرحلة العمل عن بعد، وأثبتت الأنظمة الحكومية كفاءة كبيرة في هذا الجانب، لكن ما يهمنا، وركز عليه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، هو توفير خدمات رائدة عن بعد، إذ قال سموه (أريد خدمات تعمل بكفاءة على مدار الساعة)، وهذا ما حققته الدولة، وتحتل فيه مكانة ريادية حالياً، لكن لا تتوقف عجلة النمو والتطور في ظل زيادة المنافسة والخدمات».
• ضرورة الوعي تفادياً للاختراق في ظل تنوّع الأساليب الإجرامية مثل التزييف العميق.
• «فالكون» أكبر منصة عالمية مفتوحة للذكاء الاصطناعي طوّرت داخل الإمارات.
• 100 ألف شاب شاركوا في مخيم الإمارات للذكاء.
العلماء يروي محاولة احتيال استهدفته
حذّر وزير دولة للاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي وتطبيقات العمل عن بعد مدير مكتب رئاسة مجلس الوزراء عمر سلطان العلماء، من مخاطر مرتبطة بالجريمة الإلكترونية، مع تطور استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، مشيراً إلى أن هناك جهات في الدولة رائدة في هذا الملف، مثل هيئة تنظيم الاتصالات، ومجلس الأمن السيبراني، ومركز دبي للأمن الإلكتروني، وخدمة الأمين، توفر الحماية للأنظمة والأفراد، لكن يظل الوعي ضرورياً حتى لا يتعرض الشخص للاحتيال أو الاختراق، خصوصاً في ظل تنوع الأساليب الإجرامية ذات الصلة، مثل التزييف العميق وغيره.
واستعرض محاولة احتيال تعامل معها شخصياً، حين تواصل معه شخص يعرفه عبر إحدى منصات التواصل الاجتماعي، لكنه اشتبه في سياق الحديث، حين طلب منه تحويل مبالغ مالية، فتواصل مباشرة مع صاحب الحساب، الذي فوجئ بالأمر، وقال إنه لا يعرف شيئاً عن ذلك، وإن هناك شخصاً اخترق حسابه على هذه المنصة.
وأوضح العلماء أن الاحتيال الإلكتروني وعمليات التصيد والاختراق أصبحت شائعة، وتكاد تستهدف الجميع، لذا يتحتّم التعامل بوعي وحذر، فلا نفصح عن معلومات حساسة، أو بيانات عبر هذه الوسائط، لأن أساليب الاحتيال تتغير باستمرار.
وقال العلماء إن هناك جدلاً مستمراً حول احتمالات تمرد الآلة وسيطرتها على البشر، لافتاً إلى أن ما يدركه كثيرون أننا أصبحنا مسيّرين إلى حد كبير، إذ نقضي ساعات طويلة على منصات التواصل الاجتماعي، نطالع محتوى ليس عشوائياً على الإطلاق، وإنما طور وفق خوارزميات يتحكم فيها الذكاء الاصطناعي، تستهدف بقاء الشخص لأطول فترة على هذه المنصة أو تلك، لذا يجب أن نتمتع بالتوازن في استخدام هذه النظم.