يبارز ويراوغ ويضرب بقوة، لا يكشف تقدمه في العمر سوى تجاعيد وجهه، إنه عبد الغني عبد الباسط، أقدم لاعب تحطيب في الأقصر، وعميد اللعبة الذي يبلغ من العمر 78 عاما لكنه أثناء اللعب يعود لسن الشباب بقوته وعنفوانه. والغريب أن ذلك الرجل المسن لا تظهر عليه علامات الكبر أثناء اللعب، أما خارج الحلبة تراه بالكاد يحرك قدميه، وفق ما رواه لـ«الوطن».
عشق التحطيب
ولد عبد الغني، الشهير بأبو ريه، بقرية الأقالتة غربي الأقصر، في أربعينيات القرن الماضي، وكان يشاهد وهو طفل لاعبي التحطيب أثناء ممارسة اللعبة يوميا بعد أذان العصر، ومنذ حينها وبدأ التفكير في تعلم تلك الرياضة، لكن بمفرده فهو لم يتعلمها من أحد، ومع الوقت بدأت تظهر موهبته في فن التحطيب، ومن هنا بدأت رحلة أبو رية مع العصا التي عشقها أكتر من أهل بيته.
رؤيا منامية
يقول أبو رية: «تعلمت فن التحطيب منذ الصغر، وكانت رؤيا منامية لن أكشف تفاصيلها لكن باختصار كانت برهانا لي بأنني سأصبح أحد نجوم تلك اللعبة، ومع الوقت ذاع صيتي في أنحاء الأقصر، بين لاعبي التحطيب المخضرمين أمثال الراحل حسن توفيق، وجمال الشبلي والأنصاري وغيرهم».
مخبر في الشرطة
وأضاف: «كنت أعمل مخبرا في الشرطة، لكن عشقي للعبة جعلني هائما خلفها في كل مكان مما أثر على عملي، فضحيت بعملي وسويت معاشا مبكرا حتى أتفرغ للتحطيب، والذي أتى بالسلب على مستقبلي ومستقبل أبنائي لكن كل ذلك لم يهمني، وتابعت رحلتي في اللعبة وكنت يوميا في محافظة من محافظات الصعيد، أو في قرية أو مركز، في مولد أو حفل زفاف أو مهرجان، بدأت نجوميتي تلمع مما أثار حقد الحاقدين فدبروا لي المكائد».
الكل يحسب لي حسابا
وتابع: «أوقعوا بيني وبين بعض اللاعبين الذين لهم باع كبير في اللعبة والكل يخشاهم، بحجة أني أستهين بهم وهذا لم يحدث إطلاقا، وجرت مواجهات بيني وبين بعض منهم على فترات متقطعة، وبفضل الله تغلبت عليهم، لدرجة أنني أسقطت العصا من أحدهم، وكان لاعبا تهتز لها الحلقات، أثبت نفسي، وأصبح الكل يحسب لي حسابا».
أولها فاتحة وآخرها فاتحة
واستطرد قائلا: «أنا الآن ابلغ 78 عاما، تعلمتها في سن السابعة، فأنا الآن ألعب منذ سبعين عاما، وحينما أمسك بالعصا وألعب التحطيب أعود لعمر الثلاثين بقوته وعنفوانه، وخارج اللعبة اتوكأ عليها، وهذا أمر أثار حيرة اللاعبين، لكنه هبة من الله يهبها لمن يشاء، وأكثر ما جعلني استمر في تلك اللعبة أنني لم استغلها ابدأ في إيذاء أي أحد سواء في داخل أو خارج اللعبة، ودائما ما أكون متوضئا وأقرأ فاتحة الكتاب قبل اللعب مباشرة، فهي لعبة أولها فاتحة وآخرها فاتحة، لأن الشيطان حاضر بقوة فيها».
عميد اللعبة في الأقصر
وأشار عميد لعبة التحطيب، إلى أنه حصل على العديد من الجوائز والميداليات خلال مشاركاته في مهرجان التحطيب في الأقصر وأسوان وغيرها، مما جعل اللاعبين، يعطونني لقبا شرفيا أعتز به، وهو عميد اللعبة في الأقصر.