لا شعور في الحياة يقارن بمرارة فقدان الضنى، ولا وجع أقسى من تلك اللحظات التي وثقتها كاميرا هاتف لأب فلسطيني مثل المئات غيره يندب موت صغيره «زياد».
«غطي غطي يابا غطي بالله غطي رجله يابا غطي ليبرد. غطي ابني ليبرد بالله عليك.. بالله عليك ابني ليبرد يابا.. زياد.. يا زياد.. شفت أخوك يا ابا.. يا زياد.. حبيب قلبي ولدي.. ياشباب هذا ابني كان الأول على المدارس.. ابني يا الله».. صرخات أطلقها الأب المكلوم خرجت كرصاصات تخترق قلوب من حوله.
همهمات الحضور لم تفلح في مواساة جرح الأب الذي ينزف حرقة على ابنه، فالكل في حضرة الموت يرتهب، حينما تنحني الجباه وتخشع النفوس وترتجف القلوب فتتقزم الدنيا وأغراضها وأشياءها وأمنياتها وأمانيها.
16 يوما منذ اندلاع شرارة الحرب على غزة، ويوما تلو الآخر يستمر بطش العدوان الإسرائيلي، وتتوالي مشاهد الشهداء المفجعة والجرحي من الأشقاء الفلسطينيين في مجازر وحشية أدمت قلوب العالم من أدناه إلى أقصاه.
وستبقى عالقة في الأذهان إلى أبد الآبدين مشاهد الجريمة التي حركت وجدان العالم، حينما استهدف العدوان الإسرائيلي المستشفى الأهلى المعمداني، في مساء الثلاثاء الماضي، الكارثة التي راح ضحيتها في الحال وفقا لتقديرات وزارة الصحة الفلسطينية 471 شهيدا و314 مصابا، حيث قُتل الطبيب والمسعف والجريح والنازح، ولم يتبق سوى رائحة الموت.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية اليوم الأحد، عن ارتفاع عدد شهداء الغارات الإسرائيلية على غزة إلى 4651 شهيدًا منذ بداية العدوان، 70% منهم من النساء والأطفال وكبار السن، موضحة أنه استشهد 266 شخصًا في غزة بينهم 117 طفلاً خلال الـ 24 ساعة الماضية. بينما تلقت الوزارة 1450 بلاغًا عن مفقودين لا يزالون تحت الأنقاض منهم 800 طفل.