في بلدية دير البلح الفلسطينية ترك المهندس الأربعيني هاني بن سعيد عمله، وتفرغ لحفر قبور أهل القرية والأقارب الذين استشهدوا خلال القصف الإسرائيلي المتكرر على مدار أسبوعين من الحصار، كان يودع كل يومٍ عزيز عليه، إلى أن لحق بهم هو وسكن بأحد القبور التي حفرها قائلا: «هذا سيكون لي»، بعد أيامٍ من حفر القبر، ثم لحقت به زوجته والأطفال ووالديه ولم يبق منهم سوى سيرتهم الطيبة بين أهل البلدة.
حفر قبره قبل يومين من وفاته
استقبل المهندس الفلسطيني هاني بن سعيد، موت أفراد عائلته بنفس راضية، وبكل هدوء تفرّغ لحفر قبورهم وما إن انتهى من حفر عشرات القبور أشار إلى أحدها وقال «هذ سيكون لي» ولم يتوقع أحد أن تتحقق نبوءته، فبعد يومين دفن في القبر الجديد، كما يروي الصحفي مثنى النجار، لـ«الوطن»: «هاني حفر قبور قبل كام يوم لقرايبهم وقالهم على قبر هذا قبري بمزاح وارتقى بعد 3 أيام تقريبا.. الله يرحم روحه طلعوا من بيته أشلاء».
العائلة لحقت به
لم يبق أحد من أسرة الشهيد الفلسطيني هاني بن سعيد، فبعد خروج جثته من بيته وجدوا البقية جثثا ولم نتبقّ منهم سوى الذكرى الطيبة ودعوات الناس للمهندس صاحب السيرة الطيبة بحسب «النجار»: «الله يرحم روحه كان حسن السيرة هو من حفظة القرآن الكريم ترك شغله وداوم على حفر القبور للناس وأهله في بلدة دير البلح، راح وماتت أسرته امبارح الصبح، طعلوا ابنه أشلاء استشهد هو وزوجته وأولاده وأولاد أخوه ووالده ووالدته».
وتعتبر مدينة دير البلح من المدن الشهيرة التي تقع في الجنوب الغربي من قطاع غزة على بعد 16 كيلومترا منها، وعلى بعد 10 كيلومترات إلى الشمال الشرقي من خان يونس، وكانت من الناحية الإدارية مركزاً للمنطقة الوسطى بقطاع غزة أثناء الإدارة المصرية، تقع دير البلح فوق رقعة منبسطة من أراضي السهل الساحلي كانت في القديم تعرف باسم «الداروم» وهي كلمة سامية بمعنى الجنوب وما زال مدخل غزة الجنوبي يعرف باسم باب الداروم، وتعرف حاليًا باسم دير البلح لأنه قد أقيم فيها أول دير في فلسطين أقامه القديس «هيلاريوس» المدفون في الحي الشرقي من البلدة، بحسب الموقع الرسمي لـ«بلدية دير البلح».