قالت نادية فتاح العلوي، وزيرة الاقتصاد والمالية، إن مشروع قانون المالية لسنة 2024 يأتي في سياق دولي “صعب يطبعه اللايقين”، في ظل استمرار ما سمتها “الضغوط التضخمية والتوترات الجيوسياسية، ما أثر بشكل بالغ على آفاق الاقتصاد العالمي”، مؤكدة ثقة الحكومة في تحقيق التوقعات التي جاءت فيه.
وأضافت فتاح، في العرض الذي قدمته أمام مجلسي البرلمان بمناسبة تقديم مشروع قانون المالية للسنة المالية 2024، مساء اليوم الجمعة، أن “معدل النمو العالمي يتوقع ألا يتجاوز 3% سنتي 2023 و2024 توالياً، في وقت سيسجل اقتصاد منطقة اليورو، الشريك الاقتصادي الرئيسي لبلادنا، نموا في حدود 0,7% سنة 2023، ويتوقع ألا يتعدى 1,2% سنة 2024”.
مواجهة الأزمات
وتابعت وزيرة الاقتصاد المالية بأنه “رغم السياق الدولي الصعب تمكن المغرب من مواجهة الضغوط والأزمات والحد من تأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية؛ إذ حقق اقتصادنا الوطني معدل نمو يقدر بحوالي 1,3% نهاية سنة 2022، فيما يتوقع أن يبلغ هذا المعدل 3,4% عند متم سنة 2023، مع عجز في الميزانية لا يتجاوز 4,5% برسم سنة 2023 مقابل 5,2% سنة 2022”.
وأكدت المسؤولة الحكومية ذاتها أن المؤشرات القطاعية سنة 2023 تشير إلى تحسن دينامية الاقتصاد الوطني، إذ من المتوقع “ارتفاع القيمة المضافة الفلاحية بـ6 %، بعد انخفاض يقدر بحوالي 12,9% سنة 2022، في حين ستعرف القيمة المضافة للقطاعات غير الفلاحية ارتفاعا يقدر بـ3,1% سنة 2023، مقابل 3% المسجلة سنة 2022”.
ومضت فتاح مستعرضة “النجاحات”، وأكدت أن القطاعات التصديرية حققت نتائج “إيجابية”، لاسيما صادرات السلع والخدمات التي ارتفعت بـ8,4% عند متم شهر غشت من سنة 2023 مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2022؛ كما ارتفعت صادرات صناعة السيارات بـ36%، وصادرات الصناعات الإلكترونية والكهربائية بـ33%، وصادرات صناعات النسيج والصناعة الجلدية بـ9% خلال الفترة نفسها.
وشددت وزيرة المالية على أن الدينامية الإيجابية للقطاع السياحي تسارعت منذ مطلع سنة 2023، إذ حقق عائدات تتجاوز 71 مليار درهم نهاية شهر غشت، مسجلا بذلك ارتفاعا يقدر بـ33% مقارنة مع الفترة نفسها من سنة 2022، وتوقعت أن تتعزز هذه الدينامية الإيجابية بفضل التدابير التي جاءت بها خارطة الطريق 2023-2026 للقطاع السياحي.
كما ارتفعت تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج لتناهز 78 مليار درهم نهاية شهر غشت لسنة 2023، مقابل 73 مليار درهم المحققة خلال الفترة نفسها من سنة 2022، بزيادة تقدر بـ7%، حسب وزيرة المالية، التي بينت أن السياق الوطني بدوره “استثنائي” إثر الزلزال العنيف الذي عرفته بلادنا ليلة الثامن من شتنبر 2023.
فرضيات واقعية
وانطلاقا من الرؤية الشاملة التي حكمت إعداد هذا المشروع، وعلى ضوء المتطلبات التمويلية لتنزيل مختلف الأوراش والبرامج المذكورة، وأخذا بعين الاعتبار الظرفية الدولية التي يكتنفها عدم اليقين بشأن آفاق نمو الاقتصاد العالمي، شددت وزيرة المالية على أن مشروع قانون المالية 2024 يهدف إلى تحقيق نمو اقتصادي يقدر بـ3,7%، مع حصر معدل التضخم في 2,5%، وعجز الميزانية في 4%.
وبنت الحكومة توقعاتها على فرضيات، تتمثل في ارتفاع الطلب الخارجي مع استثناء الفوسفاط ومشتقاته بـ %2,9؛ ومحصول زراعي في حدود 75 مليون قنطار؛ فضلا عن متوسط لسعر غاز البوتان يقدر بـ500 دولار للطن.
واعتبرت وزيرة المالية أمام نواب الأمة هذه الفرضيات “واقعية وقابلة للتحقق”، مؤكدة أن هذا المشروع هو في العمق تجسيد لشعار “الثقة، الاستمرارية، الطموح”، ومبينة أن الحكومة “تثق في قدرتها على مواجهة الأزمات والإكراهات الظرفية، والاستمرارية في تنزيل الأوراش المجتمعية والإصلاحات الهيكلية؛ ثم الطموح الذي يجسده الرهان على الاستثمار في المجالات الإستراتيجية لتعزيز سيادة بلادنا الصناعية والطاقية والمالية وتموقعها على الصعيدين القاري والدولي”.
كما عبرت العلوي عن “انفتاح الحكومة الكامل على العمل المتناغم والمنسجم مع المؤسسة التشريعية، ومع كافة الفاعلين والشركاء، من أجل تحقيق الفعالية الضرورية لإنجاح مختلف الأوراش”، مشددة على أن “الحكومة تتطلع إلى إخراج قانون مالية يترجم إرادتنا الجماعية لتجسيد السياسة الحكيمة لصاحب الجلالة نصره الله، المنسجمة مع انتظارات المواطنات والمواطنين في كافة المجالات؛ قانون مالية يواكب العمل المستمر لجلالته على ترسيخ موقع بلادنا كفاعل رئيسي في المنطقة وفي القارة الإفريقية على حد سواء، من خلال مبدأ التعاون جنوب-جنوب وعلى أرضية المصالح المشتركة”، وفق تعبيرها.
المصدر: وكالات